مسألة تالية
متن:
فَأَمَّا مَنْ اسْتَعَانَ بِالْمُبَاحِ الْجَمِيلِ عَلَى الْحَقِّ فَهَذَا مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ; وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { فِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ ؟ قَالَ : أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ وِزْرٌ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ : فَلِمَ تَحْتَسِبُونَ بِالْحَرَامِ وَلَا تَحْتَسِبُونَ بِالْحَلَالِ } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : إنَّك لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا ازْدَدْت بِهَا دَرَجَةً وَرِفْعَةً حَتَّى اللُّقْمَةُ تَضَعُهَا فِي فِي امْرَأَتِك } . وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ . فَالْمُؤْمِنُ إذَا كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ أَتَتْ عَلَى عَامَّةِ أَفْعَالِهِ وَكَانَتْ الْمُبَاحَاتُ مِنْ صَالِحِ أَعْمَالِهِ لِصَلَاحِ قَلْبِهِ وَنِيَّتِهِ وَالْمُنَافِقُ - لِفَسَادِ قَلْبِهِ وَنِيَّتِهِ - يُعَاقَبُ عَلَى مَا يُظْهِرُهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ رِيَاءً فَإِنَّ فِي الصَّحِيحِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَلَا إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ } . وَكَمَا أَنَّ الْعُقُوبَاتِ شُرِّعَتْ دَاعِيَةً إلَى فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ فَقَدْ شُرِّعَ أَيْضًا كُلُّ مَا يُعِينُ عَلَى ذَلِكَ . فَيَنْبَغِي تَيْسِيرُ طَرِيقِ الْخَيْرِ وَالطَّاعَةِ وَالْإِعَانَةِ عَلَيْهِ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ بِكُلِّ مُمْكِنٍ ; مِثْلَ أَنْ يَبْذُلَ لِوَلَدِهِ وَأَهْلِهِ أَوْ رَعِيَّتِهِ مَا يُرَغِّبُهُمْ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ : مِنْ مَالٍ أَوْ ثَنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ ; وَلِهَذَا شُرِّعَتْ الْمُسَابَقَةُ بِالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالْمُفَاضَلَةِ بِالسِّهَامِ وَأَخْذِ الْجُعْلِ عَلَيْهَا ; لِمَا فِيهِ مِنْ التَّرْغِيبِ فِي إعْدَادِ الْقُوَّةِ وَرِبَاطِ الْخَيْلِ لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَابِقُ بَيْنَ الْخَيْلِ هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ وَيُخْرِجُونَ الْأَسْبَاقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ عَطَاءُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ فَقَدْ { رُوِيَ : أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُسْلِمُ أَوَّلَ النَّهَارِ رَغْبَةً فِي الدُّنْيَا فَلَا يَجِيءُ آخِرُ النَّهَارِ إلَّا وَالْإِسْلَامُ أَحَبُّ إلَيْهِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ } .