تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
بَابُ الْجِنَايَاتِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ الْقِصَاصِ
1
فَأَجَابَ الْقِصَاصُ ثَابِتٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ يُقْتَصُّ لِلْهَاشِمِيِّ الْمُسْلِمِ مِنْ الْحَبَشِيِّ الْمُسْلِمِ وَلِلْحَبَشِيِّ الْمُسْلِمِ مِنْ الْهَاشِمِيِّ الْمُسْلِمِ : فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . بِحَيْثُ يَجُوزُ الْقِصَاصُ فِي الْأَعْرَاضِ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْتَصَّ . فَإِذَا قَالَ لَهُ الْهَاشِمِيُّ : يَا كَلْبُ قَالَ لَهُ يَا كَلْبُ وَإِذَا قَالَ : لَعَنَك اللَّهُ . قَالَ لَهُ : لَعَنَك اللَّهُ . وَيَجُوزُ ذَلِكَ . وَهَذَا مِنْ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ } { إنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } . وَلَوْ كَذَبَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيْهِ . وَكَذَلِكَ مَنْ سَبَّ أَبَا رَجُلٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسُبَّ أَبَاهُ سَوَاءٌ كَانَ هَاشِمِيًّا أَوْ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ ; فَإِنَّ أَبَا السَّابِّ لَمْ يَظْلِمْهُ ; وَإِنَّمَا ظَلَمَهُ السَّابُّ { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } . وَلَكِنْ إنْ سَبَّ مُسْلِمٌ أَبَا مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ عَلَى ذَلِكَ . فَالْهَاشِمِيُّ إذَا سَبَّ أَبَا مُسْلِمٍ عُزِّرَ الْهَاشِمِيُّ عَلَى ذَلِكَ . وَمَنْ سَبَّ أَبَا هَاشِمِيٍّ عُزِّرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ سَبًّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ سَبَّ أَبَاهُ وَجَدَّهُ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّفْظَ لَيْسَ ظَاهِرًا فِي ذَلِكَ ; إذْ الْجَدُّ الْمُطْلَقُ : هُوَ أَبُو الْأَبِ . وَإِذَا سُمِّيَ الْعَبْدُ جَدًّا فَأَجْدَادُهُ كَثِيرَةٌ فَلَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدٌ ; وَسَبُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفْرٌ يُوجِبُ الْقَتْلَ فَلَا يَزُولُ الْإِيمَانُ الْمُتَعَيِّنُ بِالشَّكِّ وَلَا يُبَاحُ الدَّمُ الْمَعْصُومُ بِالشَّكِّ ; لَا سِيَّمَا وَالْغَالِبُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ هُوَ أَنْ لَا يَقْصِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا لَفْظُهُ وَلَا حَالُهُ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَا يُقْبَلُ عَلَيْهِ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا حُجَّةٍ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .