تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ أَعْطَاهُ أَخٌ لَهُ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا أَيَقْبَلُهُ ؟ أَمْ يَرُدُّهُ ؟ وَقَدْ وَرَدَ { مَنْ جَاءَهُ شَيْءٌ بِغَيْرِ سُؤَالٍ فَرَدَّهُ فَكَأَنَّمَا رَدَّهُ عَلَى اللَّهِ } هَلْ هُوَ صَحِيحٌ ؟ أَمْ لَا ؟
12
فَأَجَابَ : قَدْ ثَبَتَ { عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرِ : مَا أَتَاك مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ سَائِلٍ وَلَا مُشْرِفٍ فَخُذْهُ وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَك } وَثَبَتَ أَيْضًا فِي الصَّحِيحِ : { أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ سَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ قَالَ : يَا حَكِيمُ مَا أَكْثَرَ مَسْأَلَتِك إنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ فَكَانَ كَاَلَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ فَقَالَ لَهُ حَكِيمٌ : وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا أَرْزَأُ بَعْدَك مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا } . فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُعْطَيَانِهِ فَلَا يَأْخُذُ . فَتَبَيَّنَ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ سَائِلًا بِلِسَانِهِ أَوْ مُشْرِفًا إلَى مَا يُعْطَاهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَهُ إلَّا حَيْثُ تُبَاحُ لَهُ الْمَسْأَلَةُ وَالِاسْتِشْرَافُ . وَأَمَّا إذَا أَتَاهُ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ ; وَلَا إشْرَافٍ فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ كَانَ الَّذِي أَعْطَاهُ أَعْطَاهُ حَقَّهُ كَمَا أَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ عَمِلَ فَأَعْطَاهُ عِمَالَتَهُ وَلَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ كَمَا فَعَلَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ فَإِنْ قَبِلَهُ وَكَانَ مِنْ غَيْرِ إشْرَافٍ لَهُ عَلَيْهِ فَقَدْ أَحْسَنَ . وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُكَافِئَ بِالْمَالِ مَنْ أَسْدَاهُ . إلَيْهِ لِخَبَرِ { مَنْ أَسْدَى إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا لَهُ مَا تُكَافِئُوهُ . فَادْعُوا حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ } .