تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
قَالَ الشَّيْخُ : وَ ( أَطْفَالُ الْكُفَّارِ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِيهِمْ : " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ " كَمَا أَجَابَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرُهُمْ قَالُوا : إنَّهُمْ كُلُّهُمْ فِي النَّارِ . وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ نُصُوصِ أَحْمَدَ وَهُوَ غَلَطٌ عَلَى أَحْمَدَ . وَطَائِفَةٌ جَزَمُوا بِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَاخْتَارَ ذَلِكَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ فِيهِ { رُؤْيَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ وَعِنْدَهُ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِينَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ : وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ } " . وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ : " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ " وَلَا نَحْكُمُ لِمُعَيَّنِ مِنْهُمْ بِجَنَّةِ وَلَا نَارٍ وَقَدْ جَاءَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ : { أَنَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ يُؤْمَرُونَ وَيُنْهَوْنَ فَمَنْ أَطَاعَ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَى دَخَلَ النَّارَ } . وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ ( أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ . وَالتَّكْلِيفُ إنَّمَا يَنْقَطِعُ بِدُخُولِ دَارِ الْجَزَاءِ وَهِيَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ . وَأَمَّا عَرَصَاتُ الْقِيَامَةِ فَيُمْتَحَنُونَ فِيهَا كَمَا يُمْتَحَنُونَ فِي الْبَرْزَخِ . فَيُقَالُ لِأَحَدِهِمْ : مَنْ رَبُّك ؟ وَمَا دِينُك ؟ وَمَنْ نَبِيُّك ؟ وَقَالَ تَعَالَى : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ } الْآيَةَ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ حَدِيثُ تَجَلِّي اللَّهِ لِعِبَادِهِ فِي الْمَوْقِفِ إذَا قِيلَ : { لِيَتَّبِعْ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ; فَيَتَّبِعُ الْمُشْرِكُونَ آلِهَتَهُمْ وَيَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ فَيَتَجَلَّى لَهُمْ الرَّبُّ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيُنْكِرُونَهُ ثُمَّ يَتَجَلَّى لَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا فَيَسْجُدُ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَتَبْقَى ظُهُورُ الْمُنَافِقِينَ كَقُرُونِ الْبَقَرِ يُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ . وَذَكَرَ قَوْلَهُ : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ } } الْآيَةَ . وَالْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .