تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
سُئِلَ : - عَنْ جَمَاعَةٍ اجْتَمَعُوا عَلَى أُمُورٍ مُتَنَوِّعَةٍ فِي الْفَسَادِ ; وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : إنَّ الدِّينَ فَسَدَ مِنْ قَبْلِ " هَذِهِ " وَهُوَ مِنْ حِينِ أُخِذَتْ الْخِلَافَةُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَإِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مَكَانَهُ لَمْ يَكُونُوا أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ فَلَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُمْ وَلَمْ يَصِحَّ لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدَ ذَلِكَ عَقْدٌ مِنْ عُقُودِهِمْ لَا عَقْدُ نِكَاحٍ وَلَا غَيْرُهُ وَأَنَّ جَمِيعَ مَنْ تَزَوَّجَ بَعْدَ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ فَنِكَاحُهُ فَاسِدٌ ; وَكَذَلِكَ الْعُقُودُ جَمِيعُهَا فَاسِدَةٌ وَالْوِلَايَاتُ وَغَيْرُهَا . وَيَزْعُمُ قَائِلُ هَذَا : أَنَّ اللَّهَ صَلِيبٌ وَأَنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْ الْجَلَالَةِ عَلَى رَأْسِ خَطٍّ مِنْ خُطُوطِ الصَّلِيبِ وَيُقَرِّرُ لِلنَّاسِ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى عَلَى حَقٍّ وَكَذَلِكَ الْمَجُوسُ وَغَيْرُهُمْ .
1
فَأَجَابَ : - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : أَمَّا هَذَا الْجَاهِلُ فَهُوَ شَبِيهٌ فِي جَهْلِهِ بِالرَّافِضَةِ الَّذِينَ يَكْذِبُونَ ; وَخُرَافَاتُهُمْ الَّتِي لَا تَرُوجُ إلَّا عَلَى جَاهِلٍ لَا يَعْرِفُ أُصُولَ الْإِسْلَامِ كَاَلَّذِينَ ذَكَرُوا فِي هَذَا السُّؤَالِ . وَقِيلَ إنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ الدِّينَ فَسَدَ مِنْ حِينِ أُخِذَتْ الْخِلَافَةُ مِنْ عَلِيٍّ وَذَلِكَ مِنْ حِينِ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ لَمْ يَكُونُوا أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ وَأَنَّ عُقُودَ الْمُسْلِمِينَ بَاطِلَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ صَلِيبٌ وَيُقَرِّرُ دَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ : فَإِنَّ هَذَا زِنْدِيقٌ مِنْ شَرِّ الزَّنَادِقَةِ مِنْ جِنْسِ قَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ كالنصرية وَالْإسْماعيليَّةِ وَأَتْبَاعِهِمْ . وَلِهَذَا يَتَكَلَّمُ بِالتَّنَاقُضِ فَإِنَّ مَنْ يُقَرِّرُ دَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ وَيَطْعَنُ فِي دِينِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ : لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَكْفَرِهِمْ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وَأَنَّ خَيْرَ الْأُمَّةِ الْقَرْنُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُ ; لِمَا كَانَ مُقَرَّرًا لِدِينِ الْكُفَّارِ طَاعِنًا فِي دِينِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالرَّدُّ عَلَى هَذَا وَنَحْوِهِ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ فِي الرَّدِّ عَلَى الرَّافِضَةِ مَا لَا يَتَّسِعُ لَهُ هَذَا الْمَوْضِعُ . وَمِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ لَا يَقُولُهُ مَنْ يُؤْمِنُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَنُجِيبُ مَنْ يُقِرُّ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَنُبَيِّنُ لَهُ مِمَّا جَاءَ بِهِ مَا يُزِيلُ شُبْهَتَهُ فَأَمَّا مَنْ يَطْعَنُ فِي نُبُوَّتِهِ فَنُكَلِّمُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ .