تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
سُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ هَلْ يَصِحُّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ : أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَاتَلَ الْجِنَّ فِي الْبِئْرِ ؟ وَمَدَّ يَدَهُ يَوْمَ خَيْبَرَ فَعَبَرَ الْعَسْكَرُ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ حَمَلَ فِي الْأَحْزَابِ فَافْتَرَقَتْ قُدَّامَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ فِرْقَةً وَخَلْفَ كُلِّ فِرْقَةٍ رَجُلٌ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ يَقُولُ أَنَا عَلِيٌّ وَأَنَّهُ كَانَ لَهُ سَيْفٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْفَقَارِ وَكَانَ يَمْتَدُّ وَيَقْصُرُ وَأَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ مَرْحَبًا وَكَانَ عَلَى رَأْسِهِ جُرْنٌ مِنْ رُخَامٍ فَقُصِمَ لَهُ وَلِفَرَسِهِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَنَزَلَتْ الضَّرْبَةُ فِي الْأَرْضِ وَمُنَادٍ يُنَادِي فِي الْهَوَاءِ : لَا سَيْفَ إلَّا ذُو الْفَقَارِ وَلَا فَتًى إلَّا عَلِيٌّ وَأَنَّهُ رَمَى فِي الْمَنْجَنِيقِ إلَى حِصْنِ الْغُرَابِ وَأَنَّهُ بُعِثَ إلَى كُلِّ نَبِيٍّ سِرًّا وَبُعِثَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهْرًا وَأَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ فِي خَمْسِينَ أَلْفًا وَفِي عِشْرِينَ أَلْفًا وَفِي ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَحْدَهُ وَأَنَّهُ لَمَّا بَرَزَ إلَيْهِ مَرْحَبٌ مِنْ خَيْبَرَ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَقَدَّهُ طُولًا وَقَدَّ الْفَرَسَ عَرْضًا وَنَزَلَ السَّيْفُ فِي الْأَرْضِ ذِرَاعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَأَنَّهُ مَسَكَ حَلْقَةَ بَابِ خَيْبَرَ وَهَزَّهَا فَاهْتَزَّتْ الْمَدِينَةُ وَوَقَعَ مِنْ عَلَى السُّورِ شُرُفَاتٌ فَهَلْ صَحَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ
1
أَجَابَ : - الْحَمْدُ لِلَّهِ . هَذِهِ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ لَمْ يُقَاتِلْ عَلِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ الْجِنَّ وَلَا قَاتَلَ الْجِنَّ أَحَدٌ مِنْ الْإِنْسِ ; لَا فِي بِئْرِ ذَاتِ الْعَلَمِ وَلَا غَيْرِهَا . وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي قِتَالِهِ لِلْجِنِّ مَوْضُوعٌ مَكْذُوبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ يُقَاتِلْ عَلِيٌّ قَطُّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَسْكَرِ كَانَ خَمْسِينَ أَلْفًا أَوْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ وَحْدَهُ قَدْ حَمَلَ فِيهِمْ وَمَغَازِيهِ الَّتِي شَهِدَهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ وَقَاتَلَ فِيهَا كَانَتْ تِسْعَةً : بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَخَيْبَرَ وَفَتْحَ مَكَّةَ وَيَوْمَ حنين وَغَيْرِهَا . وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ الْمُشْرِكُونَ فِي الْأَحْزَابِ وَهِيَ الْخَنْدَقُ وَكَانُوا مُحَاصِرِينَ لِلْمَدِينَةِ وَلَمْ يَقْتَتِلُوا هُمْ وَالْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ وَإِنَّمَا كَانَ يَقْتَتِلُ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَقَلِيلٌ مِنْ الْكُفَّار وَفِيهَا قَتَلَ عَلِيٌّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ الْعَامِرِيَّ وَلَمْ يُبَارِزْ عَلِيٌّ وَحْدَهُ قَطُّ إلَّا وَاحِدًا وَلَمْ يُبَارِزْ اثْنَيْنِ . وَأَمَّا مَرْحَبٌ يَوْمَ خَيْبَرَ : فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " { لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ } " فَأَعْطَاهَا لِعَلِيِّ وَكَانَتْ أَيَّامَ خَيْبَرَ أَيَّامًا مُتَعَدِّدَةً ; وَحُصُونُهَا فُتِحَ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْضُهَا . وَقَدْ رُوِيَ أَثَرٌ أَنَّهُ قَتَلَ مَرْحَبًا وَرُوِيَ أَنَّهُ قَتَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مسلمة وَلَعَلَّهُمَا مَرْحَبَانِ وَقَتَلَهُ الْقَتْلَ الْمُعْتَادَ وَلَمْ يَقُدَّهُ جَمِيعَهُ وَلَا قَدَّ الْفَرَسَ وَلَا نَزَلَ السَّيْفُ إلَى الْأَرْضِ وَلَا نَزَلَ لِعَلِيِّ وَلَا لِغَيْرِهِ سَيْفٌ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا مَدَّ يَدَهُ لِيَعْبُرَ الْجَيْشُ وَلَا اهْتَزَّ سُورُ خَيْبَرَ لِقَلْعِ الْبَابِ وَلَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ شُرُفَاتِهِ وَإِنَّ خَيْبَرَ لَمْ تَكُنْ مَدِينَةً وَإِنَّمَا كَانَتْ حُصُونًا مُتَفَرِّقَةً وَلَهُمْ مَزَارِعُ . وَلَكِنَّ الْمَرْوِيَّ أَنَّهُ مَا قَلَعَ بَابَ الْحِصْنِ حَتَّى عَبَرَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَا رَمَى فِي مَنْجَنِيقٍ قَطُّ وَعَامَّةُ هَذِهِ الْمَغَازِي الَّتِي تُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ : قَدْ زَادُوا فِيهَا أَكَاذِيبَ كَثِيرَةً ; مِثْلَ مَا يَكْذِبُونَ فِي سِيرَةِ عَنْتَرَةَ وَالْأَبْطَالِ وَجَمِيعِ الْحُرُوبِ الَّتِي حَضَرَهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةُ حُرُوبٍ الْجَمَلُ وصفين وَحَرْبُ أَهْلِ النهروان . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .