تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ : طَلِّقْنِي وَأَنَا أَبْرَأَتْك مِنْ جَمِيعِ حُقُوقِي عَلَيْك ; وَآخُذُ الْبِنْتَ بِكِفَايَتِهَا يَكُونُ لَهَا عَلَيْك مِائَةُ دِرْهَمٍ . كُلُّ يَوْمٍ سُدُسُ دِرْهَمٍ . وَشَهِدَ الْعُدُولُ بِذَلِكَ فَطَلَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ بِحُكْمِ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْكَفَالَةِ : فَهَلْ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِفَرْضِ الْبِنْتِ بَعْدَ ذَلِكَ ؟ أَمْ لَا ؟
1
فَأَجَابَ . إذَا خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تُبْرِئَهُ مِنْ حُقُوقِهَا وَتَأْخُذَ الْوَلَدَ بِكَفَالَتِهِ وَلَا تُطَالِبَهُ بِنَفَقَةِ . صَحَّ ذَلِكَ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ : كَمَالِكِ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ وَغَيْرِهِمَا ; فَإِنَّهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ يَصِحُّ الْخُلْعُ بِالْمَعْدُومِ الَّذِي يُنْتَظَرُ وُجُودُهُ كَمَا تَحْمِلُ أَمَتُهَا وَشَجَرُهَا . وَأَمَّا نَفَقَةُ حَمْلِهَا وَرِضَاعُ وَلَدِهَا وَنَفَقَتُهُ . فَقَدْ انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُودِهِ وَجَوَازِهِ ; وَكَذَلِكَ إذَا قَالَتْ لَهُ : طَلِّقْنِي وَأَنَا أَبْرَأْتُك مِنْ حُقُوقِي وَأَنَا آخُذُ الْوَلَدَ بِكَفَالَتِهِ . وَأَنَا أَبْرَأْتُك مِنْ نَفَقَتِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ . وَإِذَا خَالَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ يَرَى صِحَّةَ مِثْلِ هَذَا الْخُلْعِ - كَالْحَاكِمِ الْمَالِكِيِّ - لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْقُضَهُ وَإِنْ رَآهُ فَاسِدًا وَلَا يَجُوزَ لَهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا نَفَقَةً لِلْوَلَدِ ; فَإِنْ فَعَلَ الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ كَذَلِكَ حَكَمَ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ . وَالْحَاكِمُ متى عَقَدَ عَقْدًا سَاغَ فِيهِ الِاجْتِهَادُ أَوْ فَسَخَ فَسْخًا جَازَ فِيهِ الِاجْتِهَادُ : لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ .