تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ : الْعَالِمُ الرَّبَّانِيُّ " تَقِيُّ الدِّينِ أَحْمَد بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى . مَا قَوْلُ السَّادَةِ الْعُلَمَاءِ أَئِمَّةِ الدِّينِ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } وَقَوْلِهِ : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } وَقَوْلِهِ : { ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ } إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَ " أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ " كَقَوْلِهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ } وَقَوْلِهِ : { يَضَعُ الْجَبَّارُ قَدَمَهُ فِي النَّارِ } إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَمَا قَالَتْ الْعُلَمَاءُ فِيهِ وَابْسُطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ مَأْجُورِينَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
123456789101112131415161718192021222324252627
وَفِي عَصْرِهِ الْحَافِظُ " أَبُو بَكْرٍ البيهقي مَعَ تَوَلِّيهِ لِلْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَذَبِّهِ عَنْهُمْ قَالَ : فِي كِتَابِهِ " الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ " . ( بَابُ مَا جَاءَ فِي إثْبَاتِ الْيَدَيْنِ صِفَتَيْنِ - لَا مِنْ حَيْثُ الْجَارِحَةِ - لِوُرُودِ خَبَرِ الصَّادِقِ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { يَا إبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } وَقَالَ : { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } . وَذَكَرَ الْأَحَادِيثَ الصِّحَاحَ فِي هَذَا الْبَابِ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ : { يَا آدَمَ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَك اللَّهُ بِيَدِهِ } وَمِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ : { أَنْتَ مُوسَى اصْطَفَاك اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَك الْأَلْوَاحَ بِيَدِهِ } وَفِي لَفْظٍ : { وَكَتَبَ لَك التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ } وَمِثْلُ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ { أَنَّهُ سُبْحَانَهُ غَرَسَ كَرَامَةَ أَوْلِيَائِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ بِيَدِهِ } وَمِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً يتكفؤها الْجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَتَكَفَّأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ ; نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ } . وَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِثْلَ قَوْلِهِ : { بِيَدِي الْأَمْرُ } { وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْك } { وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ } و { أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ } وَقَوْلُهُ : { الْمُقْسِطُونَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ } وَقَوْلُهُ : { يَطْوِي اللَّهُ السَّمَوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ؟ ثُمَّ يَطْوِي الْأَرْضِينَ بِشِمَالِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ؟ } . وَقَوْلُهُ : { يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينِهِ وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْقِسْطُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ } وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي الصِّحَاحِ . وَذَكَرَ أَيْضًا قَوْلَهُ : { إنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ قَالَ لَهُ وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ اخْتَرْ أَيَّهمَا شِئْت . قَالَ : اخْتَرْت يَمِينَ رَبِّي وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ } وَحَدِيثَ { إنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِهِ بِيَدِهِ } إلَى أَحَادِيثَ أُخَرَ ذَكَرَهَا مِنْ هَذَا النَّوْعِ . ثُمَّ قَالَ " البيهقي : أَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَسِّرُوا مَا كَتَبْنَا مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ فِي هَذَا الْبَابِ ; وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ " وَسَائِرِ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ ; مَعَ أَنَّهُ يَحْكِي قَوْلَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ . وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي كِتَابِ " إبْطَالِ التَّأْوِيلِ " لَا يَجُوزُ رَدُّ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَلَا التَّشَاغُلُ بِتَأْوِيلِهَا وَالْوَاجِبُ حَمْلُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَأَنَّهَا صِفَاتُ اللَّهِ لَا تُشْبِهُ صِفَاتِ سَائِرِ الْمَوْصُوفِينَ بِهَا مِنْ الْخَلْقِ ; وَلَا يَعْتَقِدُ التَّشْبِيهَ فِيهَا ; لَكِنْ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد وَسَائِرِ الْأَئِمَّةِ . وَذَكَرَ بَعْضَ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ والأوزاعي وَاللَّيْثِ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَسُفْيَانَ بْنِ عيينة والفضيل بْنِ عِيَاضٍ وَوَكِيعٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَالْأُسُودِ بْنِ سَالِمٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ راهويه وَأَبِي عُبَيْدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطبري وَغَيْرِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ . وَفِي حِكَايَةِ أَلْفَاظِهِمْ طُولٌ . إلَى أَنْ قَالَ : وَيَدُلُّ عَلَى إبْطَالِ التَّأْوِيلِ : أَنَّ الصَّحَابَةَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ حَمَلُوهَا عَلَى ظَاهِرِهَا ; وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِتَأْوِيلِهَا وَلَا صَرَفُوهَا عَنْ ظَاهِرِهَا ; فَلَوْ كَانَ التَّأْوِيلُ سَائِغًا لَكَانُوا أَسْبَقَ إلَيْهِ ; لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ التَّشْبِيهِ وَرَفْعِ الشُّبْهَةِ .