تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
فَصْلٌ وَهَذِهِ الْأَعْمَالُ الْبَاطِنَةُ كَمَحَبَّةِ اللَّهِ وَالْإِخْلَاصِ لَهُ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَالرِّضَا عَنْهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ كُلُّهَا مَأْمُورٌ بِهَا فِي حَقِّ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ لَا يَكُونُ تَرْكُهَا مَحْمُودًا فِي حَالِ أَحَدٍ وَإِنْ ارْتَقَى مَقَامُهُ . وَأَمَّا " الْحُزْنُ " فَلَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ بِهِ وَلَا رَسُولُهُ بَلْ قَدْ نَهَى عَنْهُ فِي مَوَاضِعَ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِأَمْرِ الدِّينِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } وَقَوْلُهُ : { وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ } وَقَوْلُهُ : { إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا } وَقَوْلُهُ : { وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ } وَقَوْلُهُ : { لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ } وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ . وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجْلِبُ مَنْفَعَةً وَلَا يَدْفَعُ مَضَرَّةً فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ نَعَمْ لَا يَأْثَمُ صَاحِبُهُ إذَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِحُزْنِهِ مُحَرَّمٌ كَمَا يَحْزَنُ عَلَى الْمَصَائِبِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ لَا يُؤَاخِذُ عَلَى دَمْعِ الْعَيْنِ وَلَا عَلَى حُزْنِ الْقَلْبِ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُ عَلَى هَذَا أَوْ يَرْحَمُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى لِسَانِهِ } وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ إلَّا مَا يُرْضِي الرَّبَّ } وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } . وَقَدْ يَقْتَرِنُ بِالْحُزْنِ مَا يُثَابُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ وَيُحْمَدُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مَحْمُودًا مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ لَا مِنْ جِهَةِ الْحُزْنِ كَالْحَزِينِ عَلَى مُصِيبَةٍ فِي دِينِهِ وَعَلَى مَصَائِبِ الْمُسْلِمِينَ عُمُومًا فَهَذَا يُثَابُ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ حُبِّ الْخَيْرِ وَبُغْضِ الشَّرِّ وَتَوَابِعِ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْحُزْنَ عَلَى ذَلِكَ إذَا أَفْضَى إلَى تَرْكِ مَأْمُورٍ مِنْ الصَّبْرِ وَالْجِهَادِ وَجَلْبِ مَنْفَعَةٍ وَدَفْعِ مَضَرَّةٍ نُهِيَ عَنْهُ وَإِلَّا كَانَ حَسَبَ صَاحِبِهِ رُفِعَ الْإِثْمُ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ الْحُزْنِ وَأَمَّا إنْ أَفْضَى إلَى ضَعْفِ الْقَلْبِ وَاشْتِغَالِهِ بِهِ عَنْ فِعْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهِ كَانَ مَذْمُومًا عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَإِنْ كَانَ مَحْمُودًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى . وَأَمَّا الْمَحَبَّةُ لِلَّهِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ وَالْإِخْلَاصُ لَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهَذِهِ كُلُّهَا خَيْرٌ مَحْضٌ وَهِيَ حَسَنَةٌ مَحْبُوبَةٌ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَمَنْ قَالَ إنَّ هَذِهِ الْمَقَامَاتِ تَكُونُ لِلْعَامَّةِ دُونَ الْخَاصَّةِ فَقَدْ غَلِطَ فِي ذَلِكَ إنْ أَرَادَ خُرُوجَ الْخَاصَّةِ عَنْهَا : فَإِنَّ هَذِهِ لَا يَخْرُجُ عَنْهَا مُؤْمِنٌ قَطُّ وَإِنَّمَا يَخْرُجُ عَنْهَا كَافِرٌ أَوْ مُنَافِقٌ . وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِكَلَامِ بَيَّنَا غَلَطَهُ فِيهِ وَأَنَّهُ تَقْصِيرٌ فِي تَحْقِيقِ هَذِهِ الْمَقَامَاتِ بِكَلَامِ مَبْسُوطٍ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهُ . وَلَكِنَّ هَذِهِ " الْمَقَامَاتِ " يَنْقَسِمُ النَّاسُ فِيهَا إلَى خُصُوصٍ وَعُمُومٍ فَلِلْخَاصَّةِ خَاصُّهَا وَلِلْعَامَّةِ عَامُّهَا . مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَالُوا : " إنَّ التَّوَكُّلَ مُنَاضَلَةٌ عَنْ النَّفْسِ فِي طَلَبِ الْقُوتِ وَالْخَاصُّ لَا يُنَاضِلُ عَنْ نَفْسِهِ . وَقَالُوا : الْمُتَوَكِّلُ يَطْلُبُ بِتَوَكُّلِهِ أَمْرًا مِنْ الْأُمُورِ وَالْعَارِفُ يَشْهَدُ الْأُمُورَ بِفُرُوعِهَا مِنْهَا فَلَا يَطْلُبُ شَيْئًا " . فَيُقَالُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّ التَّوَكُّلَ أَعَمُّ مِنْ التَّوَكُّلِ فِي مَصَالِحِ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْمُتَوَكِّلَ يَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ فِي صَلَاحِ قَلْبِهِ وَدِينِهِ وَحِفْظِ لِسَانِهِ وَإِرَادَتِهِ وَهَذَا أَهَمُّ الْأُمُورِ إلَيْهِ وَلِهَذَا يُنَاجِي رَبَّهُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ بِقَوْلِهِ : { إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } وَقَوْلُهُ : { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } وَقَوْلُهُ : { قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ } فَهُوَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالتَّوَكُّلِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ ; لِأَنَّ هَذَيْنِ يَجْمَعَانِ الدِّينَ كُلَّهُ ; وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ : إنَّ اللَّهَ جَمَعَ الْكُتُبَ الْمُنَزَّلَةَ فِي الْقُرْآنِ وَجَمَعَ عِلْمَ الْقُرْآنِ فِي الْمُفَصَّلِ وَجَمَعَ عِلْمَ الْمُفَصَّلِ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَجَمَعَ عِلْمَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ : { إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } . وَهَاتَانِ الْكَلِمَتَانِ هُمَا الْجَامِعَتَانِ اللَّتَانِ لِلرَّبِّ وَالْعَبْدِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ نِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْعَبْدُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَقُولُ اللَّهُ حَمِدَنِي عَبْدِي يَقُولُ الْعَبْدُ : الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ يَقُولُ اللَّهُ : أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي يَقُولُ الْعَبْدُ : مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يَقُولُ اللَّهُ مَجَّدَنِي عَبْدِي يَقُولُ الْعَبْدُ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ يَقُولُ اللَّهُ فَهَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ يَقُولُ الْعَبْدُ : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْت عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ يَقُولُ اللَّهُ فَهَؤُلَاءِ لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ } فَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ لَهُ نِصْفُ الثَّنَاءِ وَالْخَيْرِ وَالْعَبْدُ لَهُ نِصْفُ الدُّعَاءِ وَالطَّلَبِ وَهَاتَانِ جَامِعَتَانِ مَا لِلرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَمَا لِلْعَبْدِ فَإِيَّاكَ نَعْبُدُ لِلرَّبِّ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ لِلْعَبْدِ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنْت رَدِيفًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ فَقَالَ : يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ ؟ قُلْت : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ؟ قُلْت اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ حَقُّهُمْ عَلَيْهِ أَلَّا يُعَذِّبَهُمْ } وَالْعِبَادَةُ هِيَ الْغَايَةُ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ لَهَا الْعِبَادَ مِنْ جِهَةِ أَمْرِ اللَّهِ وَمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ } وَبِهَا أَرْسَلَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ وَهِيَ اسْمٌ يَجْمَعُ كَمَالَ الْحُبِّ لِلَّهِ وَنِهَايَتَهُ وَكَمَالَ الذُّلِّ لِلَّهِ وَنِهَايَتَهُ فَالْحُبُّ الْخَلِيُّ عَنْ ذُلٍّ وَالذُّلُّ الْخَلِيُّ عَنْ حُبٍّ لَا يَكُونُ عِبَادَةً وَإِنَّمَا الْعِبَادَةُ مَا يَجْمَعَ كَمَالَ الْأَمْرَيْنِ وَلِهَذَا كَانَتْ الْعِبَادَةُ لَا تَصْلُحُ إلَّا لِلَّهِ وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهَا لِلْعَبْدِ وَاَللَّهُ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ فَهِيَ لَهُ مِنْ جِهَةِ مَحَبَّتِهِ لَهَا وَرِضَاهُ بِهَا وَلِهَذَا كَانَ اللَّهُ أَشَدَّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ مِنْ الْفَاقِدِ لِرَاحِلَتِهِ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فِي أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مُهْلِكَةٍ إذَا نَامَ آيِسًا مِنْهَا ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَوَجَدَهَا فَاَللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أُمُورٌ جَلِيلَةٌ قَدْ بَسَطْنَاهَا وَشَرَحْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . وَالتَّوَكُّلُ وَالِاسْتِعَانَةُ لِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَسِيلَةُ وَالطَّرِيقُ الَّذِي يَنَالُ بِهِ مَقْصُودَهُ وَمَطْلُوبَهُ مِنْ الْعِبَادَةِ فَالِاسْتِعَانَةُ كَالدُّعَاءِ وَالْمَسْأَلَةِ وَقَدْ رَوَى الطبراني فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَا ابْنَ آدَمَ إنَّمَا هِيَ أَرْبَعٌ وَاحِدَةٌ لِي وَوَاحِدَةٌ لَك وَوَاحِدَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَك وَوَاحِدَةٌ بَيْنَك وَبَيْنَ خَلْقِي . فَأَمَّا الَّتِي لِي فَتَعْبُدُنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَك فَعَمَلُك أُجَازِيك بِهِ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إلَيْهِ وَأَمَّا الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَك فَمِنْك الدُّعَاءُ وَعَلَيَّ الْإِجَابَةُ وَأَمَّا الَّتِي بَيْنَك وَبَيْنَ خَلْقِي فَأْتِ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يَأْتُوا إلَيْك } وَكَوْنُ هَذَا لِلَّهِ وَهَذَا لِلْعَبْدِ هُوَ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِ الْمَحَبَّةِ وَالرِّضَا ابْتِدَاءً فَإِنَّ الْعَبْدَ ابْتِدَاءً يُحِبُّ وَيُرِيدُ مَا يَرَاهُ مُلَائِمًا لَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى يُحِبُّ وَيَرْضَى مَا هُوَ الْغَايَةُ الْمَقْصُودَةُ فِي رِضَاهُ وَيُحِبُّ الْوَسِيلَةَ تَبَعًا لِذَلِكَ وَإِلَّا فَكُلٌّ مَأْمُورٌ بِهِ فَمَنْفَعَتُهُ عَائِدَةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَكُلُّ ذَلِكَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ وَعَلَى هَذَا فَاَلَّذِي ظَنَّ أَنَّ التَّوَكُّلَ مِنْ الْمَقَامَاتِ الْعَامَّةِ ظَنَّ أَنَّ التَّوَكُّلَ لَا يُطْلَبُ بِهِ إلَّا حُظُوظُ الدُّنْيَا وَهُوَ غَلَطٌ بَلْ التَّوَكُّلُ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ أَعْظَمُ . وَأَيْضًا التَّوَكُّلُ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ الَّتِي لَا تَتِمُّ الْوَاجِبَاتُ والمستحبات إلَّا بِهَا وَالزَّاهِدُ فِيهَا زَاهِدٌ فِيمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَأْمُرُ بِهِ وَيَرْضَاهُ .