تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الرَّبَّانِيُّ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بَحْرُ الْعُلُومِ إمَامُ الْأَئِمَّةِ نَاصِرُ السُّنَّةِ عَلَّامَةُ الْوَرَى وَارِثُ الْأَنْبِيَاءِ . أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ ابْنُ تيمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ كَلِمَاتٍ وُجِدَتْ بِخَطِّ مَنْ يُوثَقُ بِهِ ذَكَرَهَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ النَّاسِ فِيهِمْ مَنْ انْتَسَبَ إلَى الدِّينِ . فَمِنْ ذَلِكَ : قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : إنَّ اللَّهَ لَطَفَ ذَاتَه فَسَمَّاهَا حَقًّا وَكَشَفَهَا فَسَمَّاهَا خَلْقًا . وَقَالَ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ ابْنُ إسْرَائِيلَ : أَنَّ اللَّهَ ظَهَرَ فِي الْأَشْيَاءِ حَقِيقَةً وَاحْتَجَبَ بِهَا مَجَازًا فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ وَالْجَمْعِ : شَهِدَهَا مَظَاهِرَ وَمَجَالِيَ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَجَازِ وَالْفَرْقِ : شَهِدَهَا سُتُورًا وَحُجُبًا قَالَ : وَقَالَ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ : - لَقَدْ حَقَّ لِي رَفْضُ الْوُجُودِ وَأَهْلِهِ وَقَدْ عَلِقَتْ كَفَّايَ جَمْعًا بِمُوجِدِي ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةِ غَيَّرَ الْبَيْتَ بِقَوْلِهِ : - لَقَدْ حَقَّ لِي عِشْقُ الْوُجُودِ وَأَهْلِهِ فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : مَقَامُ الْبِدَايَةِ أَنْ يَرَى الْأَكْوَانَ حُجُبًا فَيَرْفُضُهَا ثُمَّ يَرَاهَا مَظَاهِرَ وَمَجَالِيَ فَيَحِقُّ لَهُ الْعِشْقُ لَهَا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ : - أَقْبَلُ أَرْضًا سَارَ فِيهَا جَمَالُهَا فَكَيْفَ بِدَارِ دَارَ فِيهَا جَمَالُهَا قَالَ : وَقَالَ ابْنُ عَرَبِيٍّ عَقِيبَ إنْشَادِ بَيْتَيْ أَبِي نُوَاسٍ : - رَقَّ الزُّجَاجُ وَرَاقَتْ الْخَمْرُ وَتَشَاكَلَا فَتَشَابَهَ الْأَمْرُ فَكَأَنَّمَا خَمْرٌ وَلَا قَدَحٌ وَكَأَنَّمَا قَدَحٌ وَلَا خَمْرُ لَبِسَ صُورَةَ الْعَالَمِ ; فَظَاهِرُهُ خَلْقُهُ وَبَاطِنُهُ حَقُّهُ . وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : عَيْنُ مَا تَرَى ذَاتٌ لَا تَرَى وَذَاتٌ لَا تَرَى عَيْنُ مَا تَرَى اللَّهُ فَقَطْ وَالْكَثْرَةُ وَهْمٌ . قَالَ الشَّيْخُ قُطْبُ الدِّينِ ابْنُ سَبْعِينَ : رَبٌّ مَالِكٌ وَعَبْدٌ هَالِكٌ وَأَنْتُمْ ذَلِكَ . اللَّهُ فَقَطْ وَالْكَثْرَةُ وَهْمٌ . وَقَالَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ ابْنُ عَرَبِيٍّ : - يَا صُورَةَ أُنْسِ سِرُّهَا معنائي مَا خَلْقُك لِلْأَمْرِ تَرَى لِوَلَائِي شِئْنَاك فَأَنْشَأْنَاك خَلْقًا بَشَرًا لِتَشْهَدَنَا فِي أَكْمَلِ الْأَشْيَاءِ وَفِيهِ : طَلَبَ بَعْضُ أَوْلَادِ الْمَشَايِخِ مِنْ وَالِدِهِ الْحَجَّ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ : يَا بُنَيَّ طُفْ بِبَيْتِ مَا فَارَقَهُ اللَّهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ . قَالَ : وَقِيلَ عَنْ رَابِعَةَ العدوية : أَنَّهَا حَجَّتْ فَقَالَتْ : هَذَا الصَّنَمُ الْمَعْبُودُ فِي الْأَرْضِ وَاَللَّهِ مَا وَلَجَهُ اللَّهُ وَلَا خَلَا مِنْهُ . وَفِيهِ لِلْحَلَّاجِ : - سُبْحَانَ مَنْ أَظْهَرَ ناسوته سِرُّ سَنَا لَاهُوتِهِ الثَّاقِبِ ثُمَّ بَدَا مُسْتَتِرًا ظَاهِرًا فِي صُورَةِ الْآكِلِ وَالشَّارِبِ قَالَ وَلَهُ : عَقَدَ الْخَلَائِقُ فِي الْإِلَهِ عقائدا وَأَنَا اعْتَقَدْت جَمْعَ مَا اعْتَقَدُوهُ وَلَهُ أَيْضًا : بَيْنِي وَبَيْنَك إني تُزَاحِمُنِي فَارْفَعْ بِحَقِّك إنيي مِنْ الْبَيْنِ قَالَ : وَقَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ السهروردي الْحَلَبِيُّ الْمَقْتُولُ : وَبِهَذِهِ الإنية الَّتِي طَلَبَ الْحَلَّاجُ رَفْعَهَا تَصَرَّفَتْ الْأَغْيَارُ فِي دَمِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ السَّلَفُ : الْحَلَّاجُ نِصْفُ رَجُلٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ تُرْفَعْ لَهُ الإنية بِالْمَعْنَى فَرُفِعَتْ لَهُ صُورَةً . وَفِيهِ لِمُحْيِي الدِّينِ ابْنِ عَرَبِيٍّ : - وَاَللَّهِ مَا هِيَ إلَّا حَيْرَةٌ ظَهَرَتْ وَبِي حَلَفَتْ وَإِنَّ الْمُقْسِمَ اللَّهُ وَقَالَ فِيهِ : الْمَنْقُولُ عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ : إنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - اشْتَاقَ بِأَنْ يَرَى ذَاتَه الْمُقَدَّسَةَ فَخَلَقَ مِنْ نُورِهِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجَعَلَهُ كَالْمِرْآةِ يَنْظُرُ إلَى ذَاتِهِ الْمُقَدَّسَةِ فِيهَا وَإِنِّي أَنَا ذَلِكَ النُّورُ وَآدَمُ الْمِرْآةُ . قَالَ ابْنُ الْفَارِضِ فِي قَصِيدَتِهِ السُّلُوكِ : وَشَاهِدْ إذَا اسْتَجْلَيْت نَفْسَك مَنْ تَرَى بِغَيْرِ مِرَاءٍ فِي الْمِرْآةِ الصَّقِيلَةِ أَغَيْرُك فِيهَا لَاحَ أَمْ أَنْتَ نَاظِرٌ إلَيْك بِهَا عِنْدَ انْعِكَاسِ الْأَشِعَّةِ ؟ قَالَ : وَقَالَ ابْنُ إسْرَائِيلَ الْأَمْرُ أَمْرَانِ : أَمْرٌ بِوَاسِطَةِ وَأَمْرٌ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ فَالْأَمْرُ الَّذِي بِالْوَسَائِطِ رَدَّهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَبِلَهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْأَمْرُ الَّذِي بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } . فَقَالَ لَهُ فَقِيرٌ : إنَّ اللَّهَ قَالَ لِآدَمَ بِلَا وَاسِطَةٍ : لَا تَقْرَبُ الشَّجَرَةَ - فَقَرِبَ وَأَكَلَ . فَقَالَ : صَدَقْت وَذَلِكَ أَنَّ آدَمَ إنْسَانٌ كَامِلٌ ; وَلِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا عَلِيٌّ الْحَرِيرِيُّ : آدَمَ صَفِيُّ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ تَوْحِيدُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَكَانَ قَوْلُهُ لِآدَمَ " لَا تَقْرَبْ الشَّجَرَةَ " ظَاهِرًا وَكَانَ أَمْرُهُ " كُلْ " بَاطِنًا فَأَكَلَ فَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى . وَإِبْلِيسُ كَانَ تَوْحِيدُهُ ظَاهِرًا فَأُمِرَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَرَآهُ غَيْرًا فَلَمْ يَسْجُدْ . فَغَيْرُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَالَ : { اخْرُجْ مِنْهَا } . وَقَالَ شَخْصٌ لِسَيِّدِي يَا سَيِّدِي حَسَنُ إذَا كَانَ اللَّهُ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ : { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ } أيش نَكُونُ نَحْنُ ؟ فَقَالَ سَيِّدِي لَهُ : لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُ أَوْ تَظُنُّ فَقَوْلُهُ لَهُ : { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ } عَيْنُ الْإِثْبَاتِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَمَا رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } { إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } . وَفِيهِ لِأَوْحَدِ الدِّينِ الكرماني : - مَا غِبْت عَنْ الْقَلْبِ وَلَا عَنْ عَيْنِي مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَنَا مِنْ بَيْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ : - لَا تَحْسَبْ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ تَنَالُ قُرْبًا وَدُنُوًّا مِنْ جَمَالٍ وَجَلَالٍ فَارِقْ ظُلْمَ الطَّبْعِ وَكُنْ مُتَّحِدًا بِاَللَّهِ وَإِلَّا كَلُّ دَعْوَاك مُحَالِ وَغَيْرُهُ لِلْحَلَّاجِ : - إذَا بَلَغَ الصَّبُّ الْكَمَالَ مِنْ الْهَوَى وَغَابَ عَنْ الْمَذْكُورِ فِي سَطْوَةِ الذِّكْرِ يُشَاهِدُ حَقًّا حِينَ يَشْهَدُهُ الْهَوَى بِأَنَّ صَلَاةَ الْعَارِفِينَ مِنْ الْكُفْرِ وَلِلشَّيْخِ نَجْمِ الدِّينِ ابْنِ إسْرَائِيلَ . الْكَوْنُ يُنَادِيك أَلَا تَسْمَعُنِي مَنْ أَلَّفَ أَشْتَاتِي وَمَنْ فَرَّقَنِي اُنْظُرْ لِتَرَانِي مَنْظَرًا مُعْتَبَرًا مَا فِيَّ سِوَى وُجُودِ مَنْ أَوْجَدَنِي وَلَهُ أَيْضًا : - ذَرَّاتُ وُجُودِ الْكَوْنِ لِلْحَقِّ شُهُودُ أَنْ لَيْسَ لِمَوْجُودِ سِوَى الْحَقِّ وُجُودُ وَالْكَوْنُ وَإِنْ تَكَثَّرَتْ عِدَّتُهُ مِنْهُ وَإِلَى عُلَاهُ يَبْدُو وَيَعُودُ وَلَهُ أَيْضًا : - بَرِئْت إلَيْك مِنْ قَوْلِي وَفِعْلِي وَمِنْ ذَاتِي بَرَاءَةَ مُسْتَقِيلِ وَمَا أَنَا فِي طِرَازِ الْكَوْنِ شَيْءٌ لِأَنِّي مِثْلُ ظِلٍّ مُسْتَحِيلِ وَلِلْعَفِيفِ التلمساني : - أَحِنُّ إلَيْهِ وَهُوَ قَلْبِي وَهَلْ يَرَى سِوَايَ أَخُو وَجْدٍ يَحِنُّ لِقَلْبِهِ ؟ وَيَحْجُبُ طَرَفِي عَنْهُ إذْ هُوَ نَاظِرِي وَمَا بَعْدَهُ إلَّا لِإِفْرَاطِ قُرْبِهِ وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : التَّوْحِيدُ لَا لِسَانَ لَهُ وَالْأَلْسِنَةُ كُلُّهَا لِسَانُهُ . وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا : التَّوْحِيدُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْوَاحِدُ وَلَا تَصِحُّ الْعِبَارَةُ عَنْ الْوَاحِدِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُعَبَّرُ عَنْهُ إلَّا بِغَيْرِهِ وَمَنْ أَثْبَتَ غَيْرًا فَلَا تَوْحِيدَ لَهُ . قَالَ : وَسَمِعْت الشَّيْخَ مُحَمَّدَ بْنَ بِشْرٍ النواوي يَقُولُ : وَرَدَ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْحَرِيرِيُّ إلَى جَامِعِ نَوَى قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ : فَجِئْت إلَيْهِ فَقَبَّلْت الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَجَلَسْت فَقَالَ : يَا بُنَيَّ وَقَفْت مَعَ الْمَحَبَّةِ مُدَّةً فَوَجَدْتهَا غَيْرَ الْمَقْصُودِ ; لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ غَيْرٍ لِغَيْرِ وَغَيْرُ مَا ثَمَّ ثُمَّ وَقَفْت مَعَ التَّوْحِيدِ مُدَّةً فَوَجَدْته كَذَلِكَ ; لِأَنَّ التَّوْحِيدَ لَا يَكُونُ إلَّا مَنْ عَبْدٍ لِرَبِّ وَلَوْ أَنْصَفَ النَّاسُ مَا رَأَوْا عَبْدًا وَلَا مَعْبُودًا . وَفِيهِ : سَمِعْت مِنْ الشَّيْخِ نَجْمِ الدِّينِ ابْنِ إسْرَائِيلَ مِمَّا أَسَرَّ إلَيَّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ شَيْخِنَا الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْحَرِيرِيِّ فِي الْعَامِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ قَالَ يَا نَجْمُ رَأَيْت لَهَاتِي الْفَوْقَانِيَّةَ فَوْقَ السَّمَوَاتِ وَحَنَكِي تَحْتَ الْأَرْضِينَ وَنَطَقَ لِسَانِي بِلَفْظَةِ لَوْ سُمِعَتْ مِنِّي مَا وَصَلَ إلَى الْأَرْضِ مِنْ دَمِي قَطْرَةٌ . فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةِ قَالَ شَخْصٌ فِي حَضْرَةِ سَيِّدِي الشَّيْخِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَرِيرِيِّ : يَا سَيِّدِي حَسَنُ مَا خَلَقَ اللَّهُ أَقَلَّ عَقْلًا مِمَّنْ ادَّعَى أَنَّهُ إلَهٌ مِثْلُ فِرْعَوْنَ ونمروذ وَأَمْثَالِهِمَا فَقَالَ : إنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ لَا يَقُولُهَا إلَّا أَجْهَلُ خَلْقِ اللَّهِ أَوْ أَعْرَفُ خَلْقِ اللَّهِ فَقُلْت لَهُ : صَدَقْت ; وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ سَمِعْت جَدَّك يَقُولُ : رَأَيْت كَذَا وَكَذَا ; فَذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ عَنْ الشَّيْخِ . وَفِيهِ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : مَنْ كَانَ عَيْنُ الْحِجَابِ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا حِجَابَ وَلَا مَحْجُوبَ . فَالْمَطْلُوبُ مِنْ السَّادَةِ الْعُلَمَاءِ : - أَنْ يُبَيِّنُوا هَذِهِ الْأَقْوَالَ وَهَلْ هِيَ حَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ ؟ وَمَا يُعْرَفُ بِهِ مَعْنَاهَا ؟ وَمَا يُبَيِّنُ أَنَّهَا حَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ ؟ وَهَلْ الْوَاجِبُ إنْكَارُهَا أَوْ إقْرَارُهَا أَوْ التَّسْلِيمُ لِمَنْ قَالَهَا ؟ وَهَلْ لَهَا وَجْهٌ سَائِغٌ ؟ وَمَا الْحُكْمُ فِيمَنْ اعْتَقَدَ مَعْنَاهَا إمَّا مَعَ الْمَعْرِفَةِ بِحَقِيقَتِهَا ؟ وَإِمَّا مَعَ التَّسْلِيمِ الْمُجْمَلِ لِمَنْ قَالَهَا . وَالْمُتَكَلّمونَ بِهَا هَلْ أَرَادُوا مَعْنًى صَحِيحًا يُوَافِقُ الْعَقْلَ وَالنَّقْلَ ؟ وَهَلْ يُمْكِنُ تَأْوِيلُ مَا يُشْكِلُ مِنْهَا وَحَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى ؟ وَهَلْ الْوَاجِبُ بَيَانُ مَعْنَاهَا وَكَشْفُ مَغْزَاهَا إذَا كَانَ هُنَاكَ نَاسٌ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَلَا يَعْرِفُونَ حَقِيقَتَهَا ؟ أَمْ يَنْبَغِي السُّكُوتُ عَنْ ذَلِكَ وَتَرْكُ النَّاسِ يُعَظِّمُونَهَا وَيُؤْمِنُونَ بِهَا مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِمَعْنَاهَا ؟ بَيِّنُوا ذَلِكَ مَأْجُورِينَ .
1234567891011121314151617181920212223
وَقَوْلُ الْقَائِلِ : فَارِقْ ظُلْمَ الطَّبْعِ وَكُنْ مُتَّحِدًا بِاَللَّهِ وَإِلَّا فَكُلُّ دَعْوَاك مُحَالٌ إنْ أَرَادَ الِاتِّحَادَ الْمُطْلَقَ : ) فَالْمُفَارِقُ هُوَ الْمُفَارِقُ وَهُوَ الطَّبْعُ وَظُلْمُ الطَّبْعِ وَهُوَ الْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ : " وَكُنْ مُتَّحِدًا بِاَللَّهِ " وَهُوَ الْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ : " كُلُّ دَعْوَاك مُحَالٌ " وَهُوَ الْقَائِلُ هَذَا الْقَوْلُ وَفِي ذَلِكَ مِنْ التَّنَاقُضِ مَا لَا يَخْفَى . وَإِنْ أَرَادَ الِاتِّحَادَ الْمُقَيَّدَ ) : فَهُوَ مُمْتَنِعٌ ; لِأَنَّ الْخَالِقَ وَالْمَخْلُوقَ إذَا اتَّحَدَا فَإِنْ كَانَا بَعْدَ الِاتِّحَادِ اثْنَيْنِ - كَمَا كَانَا قَبْلَ الِاتِّحَادِ - فَذَلِكَ تَعَدُّدٌ وَلَيْسَ بِاتِّحَادِ . وَإِنْ كَانَا اسْتَحَالَا إلَى شَيْءٍ ثَالِثٍ - كَمَا يَتَّحِدُ الْمَاءُ وَاللَّبَنُ وَالنَّارُ وَالْحَدِيدُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُثْبِتُهُ النَّصَارَى بِقَوْلِهِمْ فِي الِاتِّحَادِ - لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْخَالِقُ قَدْ اسْتَحَالَ وَتَبَدَّلَتْ حَقِيقَتُهُ كَسَائِرِ مَا يَتَّحِدُ مَعَ غَيْرِهِ ; فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَحِيلَ . وَهَذَا مُمْتَنِعٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى يُنَزَّهُ عَنْهُ ; لِأَنَّ الِاسْتِحَالَةَ تَقْتَضِي عَدَمَ مَا كَانَ مَوْجُودًا وَالرَّبُّ تَعَالَى وَاجِبُ الْوُجُودِ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ اللَّازِمَةِ لَهُ يَمْتَنِعُ الْعَدَمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلِأَنَّ صِفَاتِ الرَّبِّ اللَّازِمَةَ لَهُ صِفَاتُ كَمَالٍ فَعَدَمُ شَيْءٍ مِنْهَا نَقْصٌ يَتَعَالَى اللَّهُ عَنْهُ وَلِأَنَّ اتِّحَادَ الْمَخْلُوقِ بِالْخَالِقِ : يَقْتَضِي أَنَّ الْعَبْدَ مُتَّصِفٌ بِالصِّفَاتِ الْقَدِيمَةِ اللَّازِمَةِ لِذَاتِ الرَّبِّ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ عَلَى الْعَبْدِ الْمُحْدَثِ الْمَخْلُوقِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَلْزَمُهُ الْحُدُوثُ وَالِافْتِقَارُ وَالذُّلُّ . وَالرَّبُّ تَعَالَى يُلَازِمُهُ الْقِدَمُ وَالْغِنَى وَالْعِزَّةُ وَهُوَ - سُبْحَانَهُ - قَدِيمٌ غَنِيٌّ عَزِيزٌ بِنَفْسِهِ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ نَقِيضُ ذَلِكَ فَاتِّحَادُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ : يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ مُتَّصِفًا بِنَقِيضِ صِفَاتِهِ : مِنْ الْحُدُوثِ وَالْفَقْرِ وَالذُّلِّ وَالْعَبْدُ مُتَّصِفًا بِنَقِيضِ صِفَاتِهِ مِنْ الْقِدَمِ وَالْغِنَى الذَّاتِيِّ وَالْعِزِّ الذَّاتِيِّ وَكُلُّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ وَبَسْطُ هَذَا يَطُولُ . وَلِهَذَا سُئِلَ الجنيد عَنْ التَّوْحِيدِ فَقَالَ : التَّوْحِيدُ إفْرَادُ الْحُدُوثِ عَنْ الْقِدَمِ فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزِ الْمُحْدَثِ عَنْ الْقَدِيمِ . وَلِهَذَا اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْخَالِقَ بَائِنٌ عَنْ مَخْلُوقَاتِهِ لَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ وَلَا فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ بَلْ الرَّبُّ رَبٌّ وَالْعَبْدُ عَبْدٌ : { إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا } { لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا } { وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا } . وَإِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِهَذَا الْبَيْتِ أَرَادَ الِاتِّحَادَ الْوَصْفِيَّ ) : وَهُوَ أَنْ يُحِبَّ الْعَبْدَ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيُبْغِضَ مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَيَرْضَى بِمَا يُرْضِي اللَّهَ وَيَغْضَبُ لِمَا يُغْضِبُ اللَّهَ وَيَأْمُرُ بِمَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ وَيَنْهَى عَمَّا يَنْهَى اللَّهُ عَنْهُ وَيُوَالِي مَنْ يُوَالِيه اللَّهُ وَيُعَادِي مَنْ يُعَادِيه اللَّهُ وَيُحِبُّ لِلَّهِ وَيُبْغِضُ لِلَّهِ وَيُعْطِي لِلَّهِ وَيَمْنَعُ لِلَّهِ ; بِحَيْثُ يَكُونُ مُوَافِقًا لِرَبِّهِ تَعَالَى . فَهَذَا الْمَعْنَى حَقٌّ وَهُوَ حَقِيقَةُ الْإِيمَانِ وَكَمَالِهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا فَبِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ وَبِي يَبْطِشُ وَبِي يَمْشِي وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنهُ وَمَا تَرَدَّدْت عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ } . وَهَذَا الْحَدِيثُ يَحْتَجُّ بِهِ أَهْلُ الْوَحْدَةِ وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ : - ( مِنْهَا ) أَنَّهُ قَالَ : { مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ } فَأَثْبَتَ نَفْسَهُ وَوَلِيَّهُ وَمُعَادِي وَلِيِّهِ وَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ قَالَ : { وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاء مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ } فَأَثْبَتَ عَبْدًا يَتَقَرَّبُ إلَيْهِ بِالْفَرَائِضِ ثُمَّ بِالنَّوَافِلِ وَأَنَّهُ لَا يَزَالُ يَتَقَرَّبُ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى يُحِبَّهُ فَإِذَا أَحَبَّهُ كَانَ الْعَبْدُ يَسْمَعُ بِهِ . وَيُبْصِرُ بِهِ وَيَبْطِشُ بِهِ وَيَمْشِي بِهِ . وَهَؤُلَاءِ هُوَ عِنْدَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَتَقَرَّبَ بِالنَّوَافِلِ وَبَعْدَهُ : هُوَ عَيْنُ الْعَبْدِ وَعَيْنُ غَيْرِهِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ فَهُوَ بَطْنُهُ وَفَخِذُهُ لَا يَخُصُّونَ ذَلِكَ بِالْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ فَالْحَدِيثُ مَخْصُوصٌ بِحَالِ مُقَيَّدٍ وَهُمْ يَقُولُونَ بِالْإِطْلَاقِ وَالتَّعْمِيمِ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا . وَكَذَلِكَ قَدْ يَحْتَجُّونَ بِمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : { إنَّ اللَّهَ يَتَجَلَّى لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْتِيهِمْ فِي صُورَةٍ غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ : نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ . ثُمَّ يَأْتِيهِمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ : أَنْتَ رَبُّنَا } فَيَجْعَلُونَ هَذَا حُجَّةً لِقَوْلِهِمْ إنَّهُ يُرَى فِي الدُّنْيَا فِي كُلِّ صُورَةٍ بَلْ هُوَ كُلُّ صُورَةٍ . وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فِي هَذَا أَيْضًا فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ - فِي الْآخِرَةِ - الْمُنْكِرُونَ الَّذِينَ قَالُوا نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا . وَهَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةُ يَقُولُونَ إنَّ الْعَارِفَ يَعْرِفُهُ فِي كُلِّ صُورَةٍ فَإِنَّ الَّذِينَ أَنْكَرُوهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَانَ لِقُصُورِ مَعْرِفَتِهِمْ . وَهَذَا جَهْلٌ مِنْهُمْ فَإِنَّ الَّذِينَ أَنْكَرُوهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ عَرَفُوهُ لَمَّا تَجَلَّى لَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ هُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَكَانَ إنْكَارُهُمْ مِمَّا حَمِدَهُمْ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَلَيْهِ فَإِنَّهُ امْتَحَنَهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يَتَّبِعُوا غَيْرَ الرَّبِّ الَّذِي عَبَدُوهُ فَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ : { وَهُوَ يَسْأَلُهُمْ وَيُثَبِّتُهُمْ وَقَدْ نَادَى الْمُنَادِي : لِيَتَّبِعْ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ } . ثُمَّ يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ : إذَا كَانَ عِنْدَكُمْ هُوَ الظَّاهِرُ فِي كُلِّ صُورَةٍ فَهُوَ الْمُنْكَرُ وَهُوَ الْمُنْكَرُ كَمَا قَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ لِآخَرَ : مَنْ قَالَ لَك أَنَّ فِي الْكَوْنِ سِوَى اللَّهِ فَقَدْ كَذَبَ وَقَالَ لَهُ الْآخَرُ : فَمَنْ هُوَ الَّذِي كَذَبَ ؟ . وَذَكَرَ ابْنُ عَرَبِيٍّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى مُرِيدٍ لَهُ فِي الْخَلْوَةِ وَقَدْ جَاءَهُ الْغَائِطُ فَقَالَ : مَا أُبْصِرُ غَيْرَهُ أَبُولُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ شَيْخُهُ فَاَلَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِك مِنْ أَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : فَرَّجْت عَنِّي . وَمَرَّ شَيْخَانِ مِنْهُمْ التلمساني هَذَا وَالشِّيرَازِيُّ عَلَى كَلْبٍ أَجْرَبَ مَيِّتٍ فَقَالَ الشِّيرَازِيُّ للتلمساني : هَذَا أَيْضًا مِنْ ذَاتِهِ ؟ فَقَالَ التلمساني هَلْ ثَمَّ شَيْءٌ خَارِجٌ عَنْهَا ؟ وَكَانَ التلمساني قَدْ أَضَلَّ شَيْخًا زَاهِدًا عَابِدًا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ يُقَالُ لَهُ أَبُو يَعْقُوبَ الْمَغْرِبِيُّ الْمُبْتَلَى حَتَّى كَانَ يَقُولُ : الْوُجُودُ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ وَلَا أَرَى الْوَاحِدَ وَلَا أَرَى اللَّهَ . وَيَقُولُ : نَطَقَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بثنوية الْوُجُودِ وَالْوُجُودُ وَاحِدٌ لَا ثنوية فِيهِ وَيَجْعَلُ هَذَا الْكَلَامَ لَهُ تَسْبِيحًا يَتْلُوهُ كَمَا يَتْلُو التَّسْبِيحَ .