تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ : - رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا : عَنْ ( عُلُوِّ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ مَخْلُوقَاتِهِ ؟ .
12345
( قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ فِي إثْبَاتِ عُلُوِّهِ تَعَالَى وَهُوَ وَاجِبٌ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ وَالْفِطْرَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ الصَّحِيحَةِ . وَهُوَ أَنْ يُقَالَ : كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ ثُمَّ خَلَقَ الْعَالَمَ ; فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ خَلْقُهُ فِي نَفْسِهِ وَانْفَصَلَ عَنْهُ وَهَذَا مُحَالٌ : تَعَالَى اللَّهُ عَنْ مُمَاسَّةِ الْأَقْذَارِ وَغَيْرِهَا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خَلْقُهُ خَارِجًا عَنْهُ ثُمَّ دَخَلَ فِيهِ وَهَذَا مُحَالٌ أَيْضًا تَعَالَى أَنْ يَحِلَّ فِي خَلْقِهِ - وَهَاتَانِ لَا نِزَاعَ فِيهِمَا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ - وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خَلْقُهُ خَارِجًا عَنْ نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ وَلَمْ يَحِلَّ فِيهِ فَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَلَا يَلِيقُ بِاَللَّهِ إلَّا هُوَ . وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ لِلْإِمَامِ أَحْمَد مِنْ حُجَجِهِ عَلَى الجهمية فِي زَمَنِ الْمِحْنَةِ . وَذَكَرَ الْأَشْعَرِيُّ فِي " الْمَقَالَاتِ " مَقَالَةَ مُحَمَّدِ بْنِ كُلَّابٍ الَّذِي ائْتَمَّ بِهِ الْأَشْعَرِيُّ : أَنَّهُ يَعْرِفُ بِالْعَقْلِ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَالَمِ وَالِاسْتِوَاءَ بِالسَّمْعِ وَبِأَخْبَارِ الرُّسُلِ الَّذِينَ بُعِثُوا بِتَكْمِيلِ الْفِطَرِ وَلَا تَبْدِيلَ لِفِطْرَةِ اللَّهِ وَجَاءَتْ الشَّرِيعَةُ بِهَا خِلَافًا لِأَهْلِ الضَّلَالِ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ قَلَبُوا الْحَقَائِقَ . ا هـ .