مسألة تالية
متن:
فَصْلٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } . فَقَوْلُهُ { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً } يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ { عَلَى سَفَرٍ } لَا بِالْمَرَضِ . وَالْمَرِيضُ يَتَيَمَّمُ وَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ . وَالْمُسَافِرُ إنَّمَا يَتَيَمَّمُ إذَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ . ذَكَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى النَّوْعَيْنِ الْغَالِبَيْنِ : الَّذِي يَتَضَرَّرُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَاَلَّذِي لَا يَجِدُهُ . وَقَوْلُهُ { عَلَى سَفَرٍ } يَعُمُّ السَّفَرَ الطَّوِيلَ وَالْقَصِيرَ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ . وَقَوْلُهُ : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } كَقَوْلِهِ فِي آيَةِ الْخَوْفِ : { وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ } وَقَوْلِهِ فِي الْإِحْرَامِ : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ } وَفِي الصِّيَامِ { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } وَلَمْ يُوَقِّتْ اللَّهُ تَعَالَى وَقْتًا فِي الْمَرَضِ . وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ : أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خَوْفُ الْهَلَاكِ . بَلْ مَنْ كَانَ الْوُضُوءُ يَزِيدُ مَرَضَهُ أَوْ يُؤَخِّرُ بُرْأَهُ يَتَيَمَّمُ . وَكَذَلِكَ فِي الصِّيَامِ وَالْإِحْرَامِ . وَمَنْ يَتَضَرَّرُ بِالْمَاءِ لِبَرْدِ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ . لَكِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ الضَّرَرَ الْعَامَّ وَهُوَ الْمَرَضُ . بِخِلَافِ الْبَرْدِ . فَإِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ لِبَعْضِ النَّاسِ الَّذِينَ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْمَاءِ الْحَارِّ . وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْمُسَافِرَ الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَاضِرَ . فَإِنَّ عَدَمَهُ فِي الْحَضَرِ نَادِرٌ . لَكِنْ قَدْ يُحْبَسُ الرَّجُلُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا مَا يَكْفِيهِ لِشُرْبِهِ . كَمَا أَنَّ الْمُسَافِرَ قَدْ لَا يَكُونُ مَعَهُ إلَّا مَا يَكْفِيهِ لِشُرْبِهِ وَشُرْبِ دَوَابِّهِ . فَهَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَادِمُ الْمَاءِ فَيَتَيَمَّمُ .