هو أحمد تقي الدين أبو العباس بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني [1]
وذكر مترجموه أقوالاً في سبب تلقيب العائلة بآل (تيمية) منها ما نقله ابن عبد الهادي رحمه الله: (أن جده محمداً كانت أمه تسمى (تيمية)، وكانت واعظة، فنسب إليها، وعرف بها . [2]
وقيل: إن جده محمد بن الخضر حج على درب تيماء، فرأى هناك طفلة، فلما رجع وجد امرأته قد ولدت بنتاً له فقال: يا تيمية، يا تيمية، فلقب بذلك) . [3]
وقيل : أن جده سئل عن اسم تيمية، فأجاب أنه حج وكانت امرأته حاملًا، فلما كان بتيماء -وهي بلدة قريبة من تبوك في شمال المملكة العربية السعودية- رأى جارية حسنة الوجه وقد خرجت من خباء، فلما رجع وجد امرأته قد وضعت جارية فلما رفعوها إليه، قال: يا تيمية يا تيمية يعني: أنها تشبه التي رآها في تيماء، فسُمي بها. [4]
ينتسب إلى قبيلة عربية قيسية، من بني نُمَيْر بن عامر بن صعصعة من قيس عيلان بن مُضر
وقيل: من بني سليم بن منصور من قيس عيلان بن مضر. [5]
وجده أبو البركات مجد الدين عبد السلام بن عبد الله الإمام الفقيه المحدث.كان جمال الدين بن مالك يقول : ألين للشيخ المجد كما ألين لداود الحديد : وهو صاحب المنتقى من أحاديث الأحكام ، والمجزر في الفقه ، والأحكام الكبرى.
وأبوه شهاب الدين أبو المحاسن عبد الحليم بن عبد السلام قرأ المذهب على والده حتى أتقنه ، ودرس وأفتى وصنف ، وصار شيخ البلد بعد أبيه ، قال الذهبي ، وكان الشيخ شهاب الدين من أنجم الهدى وإنما اختفى بين نور القمر وضوء الشمس ، يشير إلى أبيه وابنه. [6]
وأخوه شرف الدين عبد الله: كان من العلماء، وكان ممن دافع عن شيخ الإسلام، وامتحن بسببه.
وكذلك أخوه زين الدين عبد الرحمن: كان زاهداً عابداً، كما أنه كان تاجراً، وكان يخدم الشيخ - رحمه الله - وسجن معه في سجن القلعة.
وأخوه لأمه بدر الدين أبو القاسم محمد بن خالد الحراني: كان عالماً فقيهاً إماماً تولى التدريس عن أخيه تقي الدين.[7]
ولد تقي الدين أحمد بن تيمية يوم الإثنين 10 ربيع الأول 661 هـ الموافق 22 يناير 1263م في حران وهي بلدة تقع حاليا في جزيرة الشام بين نهري الخابور والفرات في ما يعرف حاليا بمنطقة الجزيرة. وعاش فيها إلى أن اتم السن السابعة في سنة 667 هـ، حيث بدأت التهديدات المغولية على تلك المناطق والفظائع التي ارتكبتها تلك الجيوش بالظهور بشكل ألزم العديد من الأهالي بالنزوح إلى مناطق أكثر أمنا، فهاجرت أسرة ابن تيمية حاملة متاعها إلى دمشق [8] ، وبها كان مستقر العائلة، حيث طلب العلم على أيدي علمائها منذ صغره، فنبغ ووصل إلى مصاف العلماء من حيث التأهل للتدريس والفتوى قبل أن يتم العشرين من عمره [9].
بدأ تقي الدين حياته بتعلم القرآن، فحفظه صغيرا وتعلم التفسير والفقه، وقد افتى وله سبع عشرة سنة، وشرع في الجمع والتأليف من ذلك الوقت[10] . وماكاد أن يبلغ من العمر الحادية والعشرين حتى توفي والده عبد الحليم فقيه الحنابلة سنة 682 هـ / 1283 م فخلفه فيها ابنه تقي الدين أبو العباس وقد كان عمره إذ ذاك 22 سنة. وقد كان يجلس بالجامع الأموي بعد صلاة الجمعة على منبر قد هيء له لتفسير القرآن العزيز[11].
ثم توسَّع في دراسة العلوم وتبحر فيها، واجتمعت فيه صفات المجتهد وشروط الاجتهاد منذ شبابه، فلم يلبث أن صار إمامًا يعترف له الجهابذة بالعلم والفضل والإمامة، قبل بلوغ الثلاثين من عمره[12].
كان - رحمه الله تعالى - أبيض اللون، أسود الرأس واللحية، قليل الشيب، شعره إلى شحمة أذنيه، كأنّ عينيه لسانان ناطقان، ربعة من الرجال، بعيد ما بين المنكبين، جهوري الصوت، فصيحاً، سريع القراءة، تعتريه حدّة لكن يقهرها بالحلم[13]