تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
فَصْلٌ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ نَصِّهِ عَلَى قِرَاءَةِ مَا نَسِيَ : يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ فِي الْقِرَاءَةِ . وَقَدْ ذَكَرَ أَحْمَد وَأَصْحَابُهُ : أَنْ مُوَالَاةَ الْفَاتِحَةِ وَاجِبَةٌ وَإِذَا تَرَكَهَا لِعُذْرِ نِسْيَانٍ قَالُوا - وَاللَّفْظُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ - وَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ - أَيْ الْفَصْلُ - اسْتَأْنَفَ قِرَاءَتَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَسْكُوتُ مَأْمُورًا بِهِ كَالْمَأْمُومِ يَشْرَعُ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ فَيُنْصِتُ لَهُ . ثُمَّ إذَا سَكَتَ الْإِمَامُ : أَتَمَّ قِرَاءَتَهَا وَأَجْزَأَتْهُ . أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَد . وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ السُّكُوتُ نِسْيَانًا أَوْ نُوَبًا أَوْ لِانْتِقَالِهِ إلَى غَيْرِهَا غَلَطًا : لَمْ تَبْطُلْ . فَإِذَا ذَكَرَ : أَتَى بِمَا بَقِيَ مِنْهَا . فَإِنْ تَمَادَى فِيمَا هُوَ فِيهِ - بَعْدَ ذِكْرِهَا - أَبْطَلَهَا . وَلَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا . قَالَ وَإِنْ قَدَّمَ آيَةً مِنْهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا : أَبْطَلَهَا . وَإِنْ كَانَ غَلَطًا . رَجَعَ إلَى مَوْضِعِ الْغَلَطِ فَأَتَمَّهَا . فَلَمْ يُسْقِطُوا التَّرْتِيبَ بِالْعُذْرِ كَمَا أَسْقَطُوا الْمُوَالَاةَ . فَإِنَّ الْمُوَالَاةَ أَخَفُّ . فَإِنَّهُ لَوْ قَرَأَ بَعْضَ سُورَةٍ الْيَوْمَ وَبَعْضَهَا غَدًا : جَازَ . وَلَوْ نَكَّسَهَا : لَمْ يَجُزْ . وَيُفَرَّقُ فِي التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْكَلَامِ الْمُسْتَقِلِّ الَّذِي إذَا أَتَى بِهِ وَحْدَهُ كَانَ مِمَّا يَسُوغُ تِلَاوَتُهُ وَبَيْنَ مَا هُوَ مُرْتَبِطٌ بِغَيْرِهِ . فَلَوْ قَالَ : { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } لَمْ يَكُنْ هَذَا كَلَامًا مُفِيدًا حَتَّى يَقُولَ : { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } وَلَوْ قَالَ { إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ثُمَّ قَالَ { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } كَانَ مُفِيدًا . لَكِنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَقَعُ فِيهِ أَحَدٌ . وَلَا يَبْتَدِئُ أَحَدٌ الْفَاتِحَةَ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَا عَمْدًا وَلَا غَلَطًا . وَإِنَّمَا يَقَعُ الْغَلَطُ فِيمَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّرْتِيبِ . فَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا يُنْسَى مِنْ الْفَاتِحَةِ وَمَا يُنْسَى مِنْ الْخَتْمَةِ .