تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ عَامِدًا : هَلْ يَقْضِيهِ ؟ . فَقَالَ : الْأَكْثَرُونَ يَقْضِيهِ وَقَالَ : بَعْضُهُمْ لَا يَقْضِيهِ وَلَا يَصِحُّ فِعْلُهُ بَعْدَ وَقْتِهِ كَالْحَجِّ . وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : عَنْ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا . { فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ نَافِلَةً } . وَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاتِّفَاقُ السَّلَفِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ يُضَيِّعُ الصَّلَاةَ فَيُصَلِّيهَا بَعْدَ الْوَقْتِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ يَتْرُكُهَا . وَلَوْ كَانَتْ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا تَصِحُّ بِحَالِ لَكَانَ الْجَمِيعُ سَوَاءً ; لَكِنَّ الْمُضَيَّعَ لِوَقْتِهَا كَانَ مُلْتَزِمًا لِوُجُوبِهَا وَإِنَّمَا ضَيَّعَ بَعْضَ حُقُوقِهَا وَهُوَ الْوَقْتُ وَأَتَى بِالْفِعْلِ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَعْلَمْ وُجُوبَهَا عَلَيْهِ جَهْلًا وَضَلَالًا أَوْ عَلِمَ الْإِيجَابَ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ فَهَذَا إنْ كَانَ كَافِرًا فَهُوَ مُرْتَدٌّ وَفِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ لَكِنَّ هَذَا شَبِيهٌ بِكُفْرِ النِّفَاقِ . فَالْكَلَامُ فِي هَذَا مُتَّصِلٌ بِالْكَلَامِ فِيمَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ نِفَاقًا أَوْ رِيَاءً فَإِنَّ هَذَا يُجْزِئُهُ فِي الظَّاهِرِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْبَاطِنِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ } وَقَالَ : { وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ } { الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } { الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ } { وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَإِذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلَّا قَلِيلًا . }