مسألة تالية
				
				
				
				متن:
				 فَصْلٌ وَإِذَا   كَانَ وَاجِبًا  فَتَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا  تَرَكَ الَّذِي قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ  فَفِيهِ أَقْوَالٌ مُتَعَدِّدَةٌ  فِي مَذْهَبِ  أَحْمَد  وَغَيْرِهِ .  قِيلَ : إنْ  تَرَكَ مَا قَبْلَ السَّلَامِ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ  وَإِنْ  تَرَكَهُ سَهْوًا لَمْ تَبْطُلْ كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ  مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَمَا بَعْدَهُ لَا يَبْطُلُ بِحَالِ ;  لِأَنَّهُ  جبران بَعْدَ السَّلَامِ  فَلَا يُبْطِلُهَا  وَهَذَا اخْتِيَارُ كَثِيرٍ  مِنْ   أَصْحَابِ  أَحْمَد  .  وَقِيلَ : إنْ  تَرَكَ مَا قَبْلَ السَّلَامِ يَبْطُلُ مُطْلَقًا  فَإِنْ  تَرَكَهُ سَهْوًا  فَذَكَرَ قَرِيبًا  سَجَدَ  وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ  أَعَادَ الصَّلَاةَ وَهُوَ مَنْقُولُ رِوَايَةٍ عَنْ  أَحْمَد  وَهُوَ قَوْلُ  مَالِكٍ  وَأَبِي ثَوْرٍ  وَغَيْرِهِمَا  وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ  مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّهُ إذَا  كَانَ وَاجِبًا  فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَأْتِ  بِهِ سَهْوًا لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْهُ  وَإِنْ  كَانَ لَا يَأْثَمُ كَالصَّلَاةِ نَفْسِهَا فَإِنَّهُ إذَا  نَسِيَهَا  صَلَّاهَا إذَا  ذَكَرَهَا فَهَكَذَا مَا يَنْسَاهُ  مِنْ وَاجِبَاتِهَا لَا  بُدَّ  مِنْ فِعْلِهِ إذَا  ذَكَرَ إمَّا بِأَنْ يَفْعَلَهُ مُضَافًا إلَى الصَّلَاةِ وَإِمَّا بِأَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ .  فَلَا تَبْرَأُ الذِّمَّةُ  مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا  مِنْ أَجْزَائِهَا الْوَاجِبَةِ إلَّا بِفِعْلِهَا .  وَالْوَاجِبَاتُ الَّتِي  قِيلَ إنَّهَا تَسْقُطُ بِالسَّهْوِ : كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَقُلْ إنَّهَا تَسْقُطُ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ بَلْ سَقَطَتْ إلَى بَدَلٍ وَهُوَ سُجُودُ السَّهْوِ بِخِلَافِ الْأَرْكَانِ الَّتِي لَا  بَدَلَ  لَهَا : كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِمَّا أَنْ  يُقَالَ : إنَّهَا  وَاجِبَةٌ  فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّهَا تَسْقُطُ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ  فَهَذَا مَا عَلِمْنَا  أَحَدًا  قَالَهُ  وَإِنْ  قَالَهُ  قَائِلٌ فَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ  فَهَذَانِ قَوْلَانِ  فِي الْوَاجِبِ قَبْلَ السَّلَامِ : إذَا  تَرَكَهُ سَهْوًا .  وَأَمَّا الْوَاجِبُ بَعْدَهُ فَالنِّزَاعُ  فِيهِ قَرِيبٌ .  فَمَالَ كَثِيرٌ مِمَّنْ  قَالَ إنَّ  ذَلِكَ وَاجِبٌ : إلَى  أَنَّ تَرْكَ  هَذَا لَا يُبْطِلُ ; لِأَنَّهُ جَبْرٌ لِلْعِبَادَةِ خَارِجٌ عَنْهَا فَلَمْ تَبْطُلْ كَجُبْرَانِ الْحَجِّ  وَنُقِلَ عَنْ  أَحْمَد  مَا يَدُلُّ  عَلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ إذَا   تَرَكَ السُّجُودَ الْمَشْرُوعَ بَعْدَ السَّلَامِ  وَقَدْ  نَقَلَ  الْأَثْرَمُ  عَنْ  أَحْمَد  الْوَقْفَ  فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَنُقِلَ عَنْهُ فِيمَنْ   نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ  فَقَالَ : إذَا  كَانَ  فِي سَهْوٍ خَفِيفٍ فَأَرْجُو أَنْ لَا  يَكُونَ عَلَيْهِ . قُلْت :  فَإِنْ  كَانَ فِيمَا سَهَا  فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَقَالَ : هاه وَلَمْ  يَجِبْ  قَالَ : فَبَلَغَنِي عَنْهُ  أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعِيدَهُ وَ " مَسَائِلُ الْوَقْفِ " يُخَرِّجُهَا أَصْحَابُهُ  عَلَى وَجْهَيْنِ . وَفِي الْجُمْلَةِ  فَقِيلَ : يُعِيدُ إذَا  تَرَكَهُ عَامِدًا  وَقِيلَ : إذَا  تَرَكَهُ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا . وَالصَّحِيحُ  أَنَّهُ لَا  بُدَّ  مِنْ  هَذَا السُّجُودِ أَوْ  مِنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ قَدْ تُنُوزِعَ إلَى مَتَى يَسْجُدُ .  فَقِيلَ : يَسْجُدُ مَا دَامَ  فِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ  وَقِيلَ : يَسْجُدُ  وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ مَا دَامَ  فِي الْمَسْجِدِ  وَقِيلَ : يَسْجُدُ  وَإِنْ  خَرَجَ وَتَعَدَّى .  وَالْمَقْصُودُ  أَنَّهُ لَا  بُدَّ مِنْهُ أَوْ  مِنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ ; لِأَنَّهُ وَاجِبٌ  أَمَرَ  بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  لِتَمَامِ الصَّلَاةِ  فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْعَبْدِ إلَّا  بِهِ وَإِذَا  أَمَرَ  بِهِ بَعْدَ السَّلَامِ  مِنْ الصَّلَاةِ ;  وَقِيلَ : إنْ فَعَلْته  وَإِلَّا فَعَلَيْك إعَادَةُ الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ مُمْتَنِعًا وَالْمُرَادُ تَكُونُ الصَّلَاةُ بَاطِلَةً :  أَنَّهُ لَمْ تَبْرَأْ بِهَا الذِّمَّةُ وَلَا فَرْقَ  فِي  ذَلِكَ بَيْنَ مَا قَبْلَ السَّلَامِ وَمَا بَعْدَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا  أَبَاحَ التَّسْلِيمَ مِنْهَا بِشَرْطِ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَإِذَا لَمْ يَسْجُدْهُمَا لَمْ يَكُنْ قَدْ  أَبَاحَ الْخُرُوجَ مِنْهَا فَيَكُونُ قَدْ سَلَّمَ  مِنْ الصَّلَاةِ سَلَامًا لَمْ يُؤْمَرْ  بِهِ فَيُبْطِلُ صَلَاتَهُ .  كَمَا تَقُولُ  فِي  فَاسِخِ الْحَجِّ إلَى التَّمَتُّعِ إنَّمَا  أُبِيحَ لَهُ التَّحَلُّلُ إذَا قَصَدَ أَنْ يَتَمَتَّعَ فَيَحُجَّ  مِنْ  عَامِهِ  فَأَمَّا إنْ قَصَدَ التَّحَلُّلَ مُطْلَقًا لَمْ يَكُنْ لَهُ  ذَلِكَ  وَكَانَ بَاقِيًا  عَلَى إحْرَامِهِ وَلَمْ يَصِحَّ تَحَلُّلُهُ  لَكِنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِرَفْضِ الْمُحْرِمِ وَلَا بِفِعْلِ شَيْءٍ  مِنْ مَحْظُورَاتِهِ وَلَا بِإِفْسَادِهِ بَلْ هُوَ بَاقٍ  فِيهِ  وَإِنْ  كَانَ فَاسِدًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِفِعْلِ مَا يُنَافِيهَا وَمَا حَرُمَ  فِيهَا . وَقِيَاسُهُمْ الصَّلَاةَ  عَلَى الْحَجِّ بَاطِلٌ  فَإِنَّ الْوَاجِبَاتِ الَّتِي يُجْبِرُهَا دَمٌ لَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا  فِي الْحَجِّ لَمْ تَبْطُلْ بَلْ يُجْبِرُهَا وَالْجُبْرَانُ  فِي ذِمَّتِهِ لَا يَسْقُطُ بِحَالِ وَالصَّلَاةُ إذَا  تَرَكَ وَاجِبًا  فِيهَا بَطَلَتْ وَإِذَا  قِيلَ : إنَّهُ مَجْبُورٌ بِالسُّجُودِ فَيَقْتَضِي  أَنَّ السُّجُودَ  فِي ذِمَّتِهِ  كَمَا يَجِبُ  فِي ذِمَّتِهِ جُبْرَانُ الْحَجِّ  أَمَّا سُقُوطُ الْوَاجِبِ وَبَدَلُهُ :  فَهَذَا لَا  أَصْلَ لَهُ  فِي الشَّرْعِ  فَقِيَاسُ الْحَجِّ أَنْ  يُقَالَ :  هَذَا السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ يَبْقَى  فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَفْعَلَهُ  وَهَذَا الْقَوْلُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ ; بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ يَسْقُطُ إلَى بَدَلٍ ;  لَكِنَّ جُبْرَانَ الْحَجِّ وَهُوَ الدَّمُ يُفْعَلُ مُفْرَدًا  بِلَا نِزَاعٍ  وَأَمَّا  هَذَا السُّجُودُ : فَهَلْ يُفْعَلُ مُفْرَدًا بَعْدَ  طُولِ الْفَصْلِ ؟  فِيهِ نِزَاعٌ . وَنَحْنُ  قُلْنَا : لَا  بُدَّ مِنْهُ أَوْ  مِنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ  فَإِذَا  قِيلَ : إنَّهُ يُفْعَلُ  وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ كَالصَّلَاةِ  الْمَنْسِيَّةِ  فَهَذَا مُتَوَجِّهٌ قَوِيٌّ وَدُونَهُ أَنْ  يُقَالَ :  وَإِنْ  تَرَكَهُ عَمْدًا يَفْعَلُهُ  فِي وَقْتٍ آخَرَ  وَإِنْ  أَثِمَ بِالتَّأْخِيرِ  كَمَا لَوْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ  الْمَنْسِيَّةَ بَعْدَ الذِّكْرِ عَمْدًا  فَلْيُصَلِّهَا وَيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ  مِنْ تَأْخِيرِهَا .  وَكَذَلِكَ الْمُفَوَّتَةُ عَمْدًا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِإِمْكَانِ إعَادَتِهَا  يُصَلِّيهَا وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ  مِنْ تَأْخِيرِهَا . فَهَكَذَا السَّجْدَتَانِ  يُصَلِّيهِمَا حَيْثُ  ذَكَرَهُمَا  وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ  مِنْ التَّأْخِيرِ  فَهَذَا أَيْضًا قَوْلٌ مُتَوَجِّهٌ  فَإِنَّ التَّحْدِيدَ  بِطُولِ الْفَصْلِ وَبِغَيْرِهِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ بِالشَّرْعِ . وَكَذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ  وَكَذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْحَدَثِ وَبَعْدَهُ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهُمَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَاَللَّهُ  أَعْلَمُ .