مسألة تالية
				
				
				
				متن:
				 فَصْلٌ  وَأَمَّا   التَّشَهُّدُ  فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ  : فَاعْتَمَدَ مَنْ  أَثْبَتَهُ  عَلَى مَا رُوِيَ  مِنْ حَدِيثِ  عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ  :   {  أَنَّ النَّبِيَّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  صَلَّى بِهِمْ  فَسَهَا  فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ  ثُمَّ تَشَهَّدَ  ثُمَّ سَلَّمَ   }  رَوَاهُ  أَبُو داود  والترمذي  وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ . قُلْت : كَوْنُهُ غَرِيبًا يَقْتَضِي  أَنَّهُ لَا مُتَابِعَ لِمَنْ رَوَاهُ بَلْ قَدْ انْفَرَدَ  بِهِ .  وَهَذَا يُوهِي  هَذَا الْحَدِيثَ  فِي مِثْلِ  هَذَا  فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَدْ  ثَبَتَ عَنْهُ  أَنَّهُ  سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ غَيْرَ مَرَّةٍ  كَمَا  فِي حَدِيثِ  ابْنِ مَسْعُودٍ  لَمَّا  صَلَّى خَمْسًا  وَفِي حَدِيثِ  أَبِي هُرَيْرَةَ  حَدِيثُ  ذِي الْيَدَيْنِ  وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ  لَمَّا سَلَّمَ  سَوَاءٌ  كَانَتْ قَضِيَّتَيْنِ أَوْ قَضِيَّةً  وَاحِدَةً  وَثَبَتَ عَنْهُ  أَنَّهُ  قَالَ : {   إذَا  شَكَّ أَحَدُكُمْ  فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ  ثُمَّ يُسَلِّمْ  ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ   }  وَقَالَ  فِي حَدِيثِ  أَبِي هُرَيْرَةَ  الصَّحِيحِ   {   فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ  ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ   }  وَلَيْسَ  فِي شَيْءٍ  مِنْ أَقْوَالِهِ أَمْرٌ بِالتَّشَهُّدِ بَعْدَ السُّجُودِ وَلَا  فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ  الْمُتَلَقَّاةِ بِالْقَبُولِ :  أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ بَعْدَ السُّجُودِ بَلْ  هَذَا التَّشَهُّدُ بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ عَمَلٌ طَوِيلٌ بِقَدْرِ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ أَطْوَلُ . وَمِثْلُ  هَذَا مِمَّا يُحْفَظُ وَيُضْبَطُ وَتَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي  عَلَى  نَقْلِهِ فَلَوْ  كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ  لَذَكَرَ  ذَلِكَ مَنْ  ذَكَرَ  أَنَّهُ  سَجَدَ  وَكَانَ الدَّاعِي إلَى ذِكْرِ  ذَلِكَ  أَقْوَى  مِنْ الدَّاعِي إلَى ذِكْرِ السَّلَامِ . وَذِكْرِ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ .  فَإِنَّ هَذِهِ أَقْوَالٌ خَفِيفَةٌ وَالتَّشَهُّدُ عَمَلٌ طَوِيلٌ  فَكَيْفَ يَنْقُلُونَ  هَذَا وَلَا يَنْقُلُونَ  هَذَا . وَهَذَا التَّشَهُّدُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ  بِهِ كَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَإِنَّهُ يَتَعَقَّبُهُ السَّلَامُ فَتُسَنُّ مَعَهُ الصَّلَاةُ  عَلَى النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدُّعَاءِ  كَمَا إذَا  صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَوْ رَكْعَةَ الْوِتْرِ وَتَشَهَّدَ  ثُمَّ الَّذِي  فِي الصَّحِيحِ  مِنْ حَدِيثِ  عِمْرَانَ  لَيْسَ  فِيهِ ذِكْرُ التَّشَهُّدِ فَانْفِرَادُ وَاحِدٍ بِمِثْلِ هَذِهِ  الزِّيَادَةِ الَّتِي تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي  عَلَى  نَقْلِهَا يُضْعِفُ  أَمْرَهَا  ثُمَّ  هَذَا الْمُنْفَرِدُ بِهَا يَجِبُ أَنْ يَنْظُرَ لَوْ انْفَرَدَ بِحَدِيثِ هَلْ يَثْبُتُ  أَنَّهُ شَرِيعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ ؟ .  وَأَيْضًا : فَالتَّشَهُّدُ إنَّمَا شُرِعَ  فِي صَلَاةٍ تَامَّةٍ ذَاتِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَمْ يُشْرَعْ  فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَعَ  أَنَّهُ يَقْرَأُ  فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسَجْدَتَا السَّهْوِ لَا  قِرَاءَةَ  فِيهِمَا  فَإِذَا لَمْ يَشْرَعْ  فِي صَلَاةٍ  فِيهَا  قِرَاءَةٌ وَلَيْسَتْ بِرُكُوعِ وَسُجُودٍ  فَكَذَلِكَ  فِي صَلَاةٍ لَيْسَ  فِيهَا قِيَامٌ وَلَا  قِرَاءَةٌ وَلَا رُكُوعٌ  . وَقَدْ  يُقَالُ : إنَّهُ  أَوْلَى  وَأَنْفَعُ فَلَيْسَ هُوَ مَشْرُوعًا  عَقِبَ سَجْدَتَيْ الصَّلْبِ بَلْ إنَّمَا يَتَشَهَّدُ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ لَا بَعْدَ كُلِّ سَجْدَتَيْنِ  فَإِذَا لَمْ يَتَشَهَّدْ  عَقِبَ سَجْدَتَيْ الصَّلْبِ وَقَدْ  حَصَلَ بِهِمَا رَكْعَةٌ تَامَّةٌ فَأَنْ لَا يَتَشَهَّدَ  عَقِبَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ  أَوْلَى  .  وَذَلِكَ  أَنَّ عَامَّةَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ أَنْ يَقُومَا مَقَامَ رَكْعَةٍ .  كَمَا  قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {  فَإِنْ  كَانَ قَدْ  صَلَّى خَمْسًا شَفَعَتَا لَهُ صَلَاتَهُ  وَإِنْ  كَانَ  صَلَّى لِتَمَامِ  كَانَتَا تَرْغِيمًا  لِلشَّيْطَانِ   }  فَجَعَلَهُمَا كَرَكْعَةِ لَا كَرَكْعَتَيْنِ . وَهِيَ رَكْعَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِغَيْرِهَا لَيْسَتْ كَرَكْعَةِ الْوِتْرِ الْمُسْتَقِلَّةِ بِنَفْسِهَا .  وَلِهَذَا  وَجَبَتْ  فِيهَا  الْمُوَالَاةُ أَنْ يَسْجُدَهُمَا  عَقِبَ السَّلَامِ لَا يَتَعَمَّدُ تَأْخِيرَهُمَا فَهُوَ  كَمَا لَوْ  سَجَدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ وَقَبْلَ السَّلَامِ لَا يُعِيدُ التَّشَهُّدَ بَعْدَهُمَا  فَكَذَلِكَ لَا يُعِيدُ بَعْدَ السَّلَامِ  .  وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَخْتِمَ صَلَاتَهُ بِالسُّجُودِ لَا بِالتَّشَهُّدِ بِدَلِيلِ  أَنَّ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يُشْرَعْ قَبْلَ التَّشَهُّدِ بَلْ إنَّمَا شُرِعَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ فَعُلِمَ  أَنَّهُ  جَعَلَ خَاتِمًا لِلصَّلَاةِ لَيْسَ بَعْدَهُ إلَّا الْخُرُوجَ مِنْهَا وَلِأَنَّ إعَادَةَ التَّشَهُّدِ وَالدُّعَاءِ يَقْتَضِي تَكْرِيرَ  ذَلِكَ مَعَ قُرْبِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا فَلَمْ يَكُنْ  ذَلِكَ مَشْرُوعًا كَإِعَادَتِهِ إذَا  سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ  ;  وَلِأَنَّهُ لَوْ  كَانَ بَعْدَهُمَا تَشَهَّدَ لَمْ يَكُنْ الْمَشْرُوعُ سَجْدَتَيْنِ  . وَالنَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  إنَّمَا  أَمَرَ بِسَجْدَتَيْنِ  فَقَطْ لَا  بِزِيَادَةِ  عَلَى  ذَلِكَ  وَسَمَّاهُمَا الْمُرْغِمَتَيْنِ  لِلشَّيْطَانِ  فَزِيَادَةُ التَّشَهُّدِ بَعْدَ السُّجُودِ  كَزِيَادَةِ  الْقِرَاءَةِ قَبْلَ السُّجُودِ  وَزِيَادَةِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ . وَمَعْلُومٌ  أَنَّهُ لَا افْتِتَاحَ  لَهُمَا بَلْ يُكَبِّرُ لِلْخَفْضِ لَا يُكَبِّرُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَعُلِمَ  أَنَّهُمَا دَاخِلَتَانِ  فِي تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ فَيَكُونَانِ جُزْءًا  مِنْ الصَّلَاةِ  كَمَا لَوْ  سَجَدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ  فَلَا يَخْتَصَّانِ بِتَشَهُّدِ وَلَكِنْ يُسَلِّمُ مِنْهُمَا  ;  لِأَنَّ السَّلَامَ الْأَوَّلَ  سَقَطَ فَلَمْ يَكُنْ سَلَامًا مِنْهُمَا  فَإِنَّ السَّلَامَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْخُرُوجِ  . وَقَدْ نَفَى بَعْضُ   الصَّحَابَةِ   وَالتَّابِعِينَ  السَّلَامَ مِنْهُمَا  كَمَا  أَنَّهُ لَا تَحْرِيمَ  لَهُمَا ;  لَكِنَّ الصَّوَابَ الْفَرْقُ  كَمَا  وَرَدَتْ  بِهِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ وَاَللَّهُ  أَعْلَمُ .