تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
فَصْلٌ وَمِمَّا يُنْهَى عَنْهُ الْمُحْرِمُ : أَنْ يَتَطَيَّبَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي بَدَنِهِ أَوْ ثِيَابِهِ أَوْ يَتَعَمَّدَ شَمَّ الطِّيبِ وَأَمَّا الدُّهْنُ فِي رَأْسِهِ أَوْ بَدَنِهِ بِالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَنَحْوِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ فَفِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ وَتَرْكُهُ أَوْلَى . وَلَا يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَلَا يَقْطَعُ شَعْرَهُ . وَلَهُ أَنْ يَحُكَّ بَدَنَهُ إذَا حَكَّهُ وَيَحْتَجِمَ فِي رَأْسِهِ وَغَيْرِ رَأْسِهِ وَإِنْ احْتَاجَ أَنْ يَحْلِقَ شَعْرًا لِذَلِكَ جَازَ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ } وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا مَعَ حَلْقِ بَعْضِ الشَّعْرِ . وَكَذَلِكَ إذَا اغْتَسَلَ وَسَقَطَ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِهِ بِذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ انْقَطَعَ بِالْغَسْلِ وَيَفْتَصِدُ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَلِكَ لِغَيْرِ الْجَنَابَةِ وَلَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطُبُ وَلَا يَصْطَادُ صَيْدًا بَرِّيًّا وَلَا يَتَمَلَّكُهُ بِشِرَاءِ وَلَا اتِّهَابٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يُعِينُ عَلَى صَيْدٍ وَلَا يَذْبَحُ صَيْدًا . فَأَمَّا صَيْدُ الْبَحْرِ كَالسَّمَكِ وَنَحْوِهِ فَلَهُ أَنْ يَصْطَادَهُ وَيَأْكُلَهُ . وَلَهُ أَنْ يَقْطَعَ الشَّجَرَ لَكِنْ نَفْسُ الْحَرَمِ لَا يَقْطَعُ شَيْئًا مِنْ شَجَرِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَلَا مِنْ نَبَاتِهِ الْمُبَاحِ إلَّا الْإِذْخِرَ وَأَمَّا مَا غَرَسَ النَّاسُ أَوْ زَرَعُوهُ فَهُوَ لَهُمْ وَكَذَلِكَ مَا يَبِسَ مِنْ النَّبَاتِ يَجُوزُ أَخْذُهُ وَلَا يَصْطَادُ بِهِ صَيْدًا وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَاءِ كَالسَّمَكِ عَلَى الصَّحِيحِ ; بَلْ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ : مِثْلَ أَنْ يُقِيمَهُ لِيَقْعُدَ مَكَانَهُ . وَكَذَلِكَ حَرَمُ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا و " اللَّابَةُ " هِيَ الْحَرَّةُ وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا حِجَارَةٌ سُودٌ وَهُوَ بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ وَالْبَرِيدُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَهُوَ مِنْ عَيْرٍ إلَى ثَوْرٍ وَعَيْرٌ هُوَ جَبَلٌ عِنْدَ الْمِيقَاتِ يُشْبِهُ الْعَيْرَ وَهُوَ الْحِمَارُ وَثَوْرٌ هُوَ جَبَلٌ مِنْ نَاحِيَةِ أُحُدٍ وَهُوَ غَيْرُ جَبَلِ ثَوْرٍ الَّذِي بِمَكَّةَ ; فَهَذَا الْحَرَمُ أَيْضًا لَا يُصَادُ صَيْدُهُ وَلَا يُقْطَعُ شَجَرُهُ إلَّا لِحَاجَةِ كَآلَةِ الرُّكُوبِ وَالْحَرْثِ وَيُؤْخَذُ مِنْ حَشِيشِهِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْعَلَفِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا لِحَاجَتِهِمْ إلَى ذَلِكَ إذْ لَيْسَ حَوْلَهُمْ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ عَنْهُ بِخِلَافِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ . وَإِذَا أُدْخِلَ عَلَيْهِ صَيْدٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ . وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا حَرَمٌ لَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ وَلَا غَيْرُهُ إلَّا هَذَانِ الْحَرَمَانِ وَلَا يُسَمَّى غَيْرُهُمَا حَرَمًا كَمَا يُسَمِّي الْجُهَّالُ . فَيَقُولُونَ : حَرَمُ الْمَقْدِسِ وَحَرَمُ الْخَلِيلِ . فَإِنَّ هَذَيْنِ وَغَيْرَهُمَا لَيْسَا بِحَرَمِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْحَرَمُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ حَرَمُ مَكَّةَ . وَأَمَّا الْمَدِينَةُ فَلَهَا حَرَمٌ أَيْضًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا اسْتَفَاضَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَتَنَازَعْ الْمُسْلِمُونَ فِي حَرَمٍ ثَالِثٍ . إلَّا فِي " وَجٍّ " وَهُوَ وَادٍ بِالطَّائِفِ وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ حَرَمٌ وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَيْسَ بِحَرَمِ . وَلِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْتُلَ مَا يُؤْذِي بِعَادَتِهِ النَّاسَ : كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ وَالْغُرَابِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَا يُؤْذِيه مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ حَتَّى لَوْ صَالَ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَلَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِالْقِتَالِ قَاتَلَهُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ حُرْمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ . } وَإِذَا قَرَصَتْهُ الْبَرَاغِيثُ وَالْقَمْلُ فَلَهُ إلْقَاؤُهَا عَنْهُ وَلَهُ قَتْلُهَا . وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلْقَاؤُهَا أَهْوَنُ مِنْ قَتْلِهَا وَكَذَلِكَ مَا يَتَعَرَّضُ لَهُ مِنْ الدَّوَابِّ فَيُنْهَى عَنْ قَتْلِهِ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ مُحَرَّمًا كَالْأَسَدِ وَالْفَهْدِ فَإِذَا قَتَلَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا التَّفَلِّي بِدُونِ التَّأَذِّي فَهُوَ مِنْ التَّرَفُّهِ فَلَا يَفْعَلُهُ وَلَوْ فَعَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ . وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ الْوَطْءُ وَمُقَدَّمَاتُهُ وَلَا يَطَأُ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ امْرَأَةً وَلَا غَيْرَ امْرَأَةٍ وَلَا يَتَمَتَّعُ بِقُبْلَةِ وَلَا مَسٍّ بِيَدِ وَلَا نَظَرٍ بِشَهْوَةِ . فَإِنْ جَامَعَ فَسَدَ حَجُّهُ وَفِي الْإِنْزَالِ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ نِزَاعٌ وَلَا يُفْسِدُ الْحَجَّ بِشَيْءِ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ إلَّا بِهَذَا الْجِنْسِ فَإِنْ قَبَّلَ بِشَهْوَةِ أَوْ أَمْذَى لِشَهْوَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ .