تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ النَّوْعِ فَيُؤْمَرُ بِالْمَعْرُوفِ مُطْلَقًا وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ مُطْلَقًا . وَفِي الْفَاعِلِ الْوَاحِدِ وَالطَّائِفَةِ الْوَاحِدَةِ يُؤْمَرُ بِمَعْرُوفِهَا وَيَنْهَى عَنْ مُنْكَرِهَا وَيُحْمَدُ مَحْمُودُهَا وَيُذَمُّ مَذْمُومُهَا ; بِحَيْثُ لَا يَتَضَمَّنُ الْأَمْرُ بِمَعْرُوفِ فَوَاتَ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ حُصُولَ مُنْكَرٍ فَوْقَهُ وَلَا يَتَضَمَّنُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ حُصُولَ أَنْكَرَ مِنْهُ أَوْ فَوَاتَ مَعْرُوفٍ أَرْجَحَ مِنْهُ . وَإِذَا اشْتَبَهَ الْأَمْرُ اسْتَبَانَ الْمُؤْمِنُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ ; فَلَا يَقْدُمُ عَلَى الطَّاعَةِ إلَّا بِعِلْمِ وَنِيَّةٍ ; وَإِذَا تَرَكَهَا كَانَ عَاصِيًا فَتَرْكُ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ مَعْصِيَةٌ ; وَفِعْلُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْأَمْرِ مَعْصِيَةٌ . وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ . وَمِنْ هَذَا الْبَابِ إقْرَارُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي وَأَمْثَالِهِ مِنْ أَئِمَّةِ النِّفَاقِ وَالْفُجُورِ لِمَا لَهُمْ مِنْ أَعْوَانٍ فَإِزَالَةُ مُنْكَرِهِ بِنَوْعِ مِنْ عِقَابِهِ مُسْتَلْزِمَةٌ إزَالَةَ مَعْرُوفٍ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِغَضَبِ قَوْمِهِ وَحَمِيَّتِهِمْ ; وَبِنُفُورِ النَّاسِ إذَا سَمِعُوا أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ; وَلِهَذَا لَمَّا خَاطَبَ النَّاسَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ وَاعْتَذَرَ مِنْهُ وَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ قَوْلًا الَّذِي أَحْسَنَ فِيهِ : حَمِيَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عبادة مَعَ حُسْنِ إيمَانِهِ . وَأَصْلُ هَذَا أَنْ تَكُونَ مَحَبَّةُ الْإِنْسَانِ الْمَعْرُوفَ وَبُغْضُهُ لِلْمُنْكَرِ ; وَإِرَادَتُهُ لِهَذَا ; وَكَرَاهَتُهُ لِهَذَا : مُوَافِقَةً لِحُبِّ اللَّهِ وَبُغْضِهِ وَإِرَادَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ الشَّرْعِيِّينَ . وَأَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ لِلْمَحْبُوبِ وَدَفْعُهُ لِلْمَكْرُوهِ بِحَسَبِ قُوَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ : فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَقَدْ قَالَ : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } . فَأَمَّا حُبُّ الْقَلْبِ وَبُغْضُهُ وَإِرَادَتُهُ وَكَرَاهِيَتُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَامِلَةً جَازِمَةً ; لَا يُوجِبُ نَقْصَ ذَلِكَ إلَّا نَقْصَ الْإِيمَانِ . وَأَمَّا فِعْلُ الْبَدَنِ فَهُوَ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ وَمَتَى كانت إرَادَةُ الْقَلْبِ وَكَرَاهَتِهِ كَامِلَةً تَامَّةً وَفِعْلُ الْعَبْدِ مَعَهَا بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ : فَإِنَّهُ يُعْطَى ثَوَابَ الْفَاعِلِ الْكَامِلِ كَمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ : فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ حُبُّهُ وَبُغْضُهُ وَإِرَادَتُهُ وَكَرَاهَتُهُ بِحَسَبِ مَحَبَّةِ نَفْسِهِ وَبُغْضِهَا ; لَا بِحَسَبِ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَبُغْضِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَهَذَا مِنْ نَوْعِ الْهَوَى ; فَإِنْ اتَّبَعَهُ الْإِنْسَانُ فَقَدْ اتَّبَعَ هَوَاهُ { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ } فَإِنَّ أَصْلَ الْهَوَى مَحَبَّةُ النَّفْسِ وَيَتْبَعُ ذَلِكَ بُغْضُهَا وَنَفْسُ الْهَوَى - وَهُوَ الْحَبُّ وَالْبُغْضُ الَّذِي فِي النَّفْسِ - لَا يُلَامُ عَلَيْهِ ; فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ لَا يُمْلَكُ وَإِنَّمَا يُلَامُ عَلَى اتِّبَاعِهِ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى : { يَا دَاوُدُ إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ } وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ : خَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَالْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَكَلِمَةُ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا . وَثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ : شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ } . وَالْحُبُّ وَالْبُغْضُ يَتْبَعُهُ ذَوْقٌ عِنْدَ وُجُودِ الْمَحْبُوبِ وَالْمُبْغَضِ وَوَجْدٌ وَإِرَادَةٌ ; وَغَيْرُ ذَلِكَ فَمَنْ اتَّبَعَ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهُوَ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ ; بَلْ قَدْ يَصْعَدُ بِهِ الْأَمْرُ إلَى أَنْ يَتَّخِذَ إلَهَهُ هَوَاهُ وَاتِّبَاعُ الْأَهْوَاءِ فِي الدِّيَانَاتِ أَعْظَمُ مِنْ اتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ فِي الشَّهَوَاتِ . فَإِنَّ الْأَوَّلَ حَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى : { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ } وَقَالَ تَعَالَى : { ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ } الْآيَةَ ; إلَى أَنْ قَالَ : { بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ } وَقَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى : { وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إنَّكَ إذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ } وَقَالَ : { وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ } . وَلِهَذَا كَانَ مَنْ خَرَجَ عَنْ مُوجِبِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْعِبَادِ يَجْعَلُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ ; كَمَا كَانَ السَّلَفُ يُسَمُّونَهُمْ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ وَذَلِكَ إنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يَتَّبِعْ الْعِلْمَ فَقَدْ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَالْعِلْمُ بِالدِّينِ لَا يَكُونُ إلَّا بِهُدَى اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ : { وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ } . فَالْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَنْظُرَ فِي نَفْسِ حُبِّهِ وَبُغْضِهِ . وَمِقْدَارِ حُبِّهِ وَبُغْضِهِ : هَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ؟ وَهُوَ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ ; بِحَيْثُ يَكُونُ مَأْمُورًا بِذَلِكَ الْحَبِّ وَالْبُغْضِ . لَا يَكُونُ مُتَقَدِّمًا فِيهِ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ; فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ : { لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } وَمَنْ أَحَبَّ أَوْ أَبْغَضَ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَفِيهِ نَوْعٌ مِنْ التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ . وَمُجَرَّدُ الْحَبِّ وَالْبُغْضِ هَوًى ; لَكِنَّ الْمُحَرَّمَ اتِّبَاعُ حُبِّهِ وَبُغْضِهِ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ : وَلِهَذَا قَالَ : { وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } فَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ أَضَلَّهُ ذَلِكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ هُدَاهُ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ . وَهُوَ السَّبِيلُ إلَيْهِ . وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ هُوَ مِنْ أَوْجَبِ الْأَعْمَالِ وَأَفْضَلِهَا وَأَحْسَنِهَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } وَهُوَ كَمَا قَالَ الفضيل بْنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ . فَإِنَّ الْعَمَلَ إذَا كَانَ خَالِصًا وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا صَوَابًا وَالْخَالِصُ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ عَلَى السُّنَّةِ . فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ لَا بُدَّ أَنْ يُرَادَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى ; فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ وَحْدَهُ ; كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { يَقُولُ اللَّهُ أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ وَهُوَ كُلُّهُ لِلَّذِي أَشْرَكَ } . وَهَذَا هُوَ التَّوْحِيدُ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ جَمِيعَ رُسُلِهِ وَلَهُ خَلَقَ الْخَلْقَ وَهُوَ حَقُّهُ عَلَى عِبَادِهِ : أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ صَالِحًا ; وَهُوَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَهُوَ الطَّاعَةُ فَكُلُّ طَاعَةٍ عَمَلٌ صَالِحٌ وَكُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ طَاعَةٌ وَهُوَ الْعَمَلُ الْمَشْرُوعُ الْمَسْنُونُ ; إذْ الْمَشْرُوعُ الْمَسْنُونُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ أَمْرَ إيجَابٍ أَوْ اسْتِحْبَابٍ وَهُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَهُوَ الْحَسَنُ وَهُوَ الْبِرُّ وَهُوَ الْخَيْرُ ; وَضِدَّهُ الْمَعْصِيَةُ وَالْعَمَلُ الْفَاسِدُ وَالسَّيِّئَةُ وَالْفُجُورُ وَالظُّلْمُ . وَلَمَّا كَانَ الْعَمَلُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شَيْئَيْنِ : النِّيَّةُ وَالْحَرَكَةُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَصْدَقُ الْأَسْمَاءِ حَارِثٌ وَهَمَّامٌ } فَكُلُّ أَحَدٍ حَارِثٌ وَهَمَّامٌ لَهُ عَمَلٌ وَنِيَّةٌ ; لَكِنَّ النِّيَّةَ الْمَحْمُودَةَ الَّتِي يَتَقَبَّلُهَا اللَّهُ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا : أَنْ يُرَادَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْعَمَلِ . وَالْعَمَلُ الْمَحْمُودُ : الصَّالِحُ ; وَهُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ ; وَلِهَذَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَمَلِي كُلَّهُ صَالِحًا وَاجْعَلْهُ لِوَجْهِك خَالِصًا وَلَا تَجْعَلْ لِأَحَدِ فِيهِ شَيْئًا .