تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَكَمَا أَنَّ الْعَالِمَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ كَثِيرًا مَا يَكُونُ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ قَوْلَانِ فِي وَقْتَيْنِ فَكَذَلِكَ يَكُونُ لَهُ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنْ الْمَسَائِلِ قَوْلَانِ فِي وَقْتَيْنِ . فَيُجِيبُ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهَا بِجَوَابٍ فِي وَقْتٍ وَيُجِيبُ فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ بِجَوَابٍ آخَرَ فِي وَقْتٍ آخَرَ . وَإِذَا كَانَتْ الْأَفْرَادُ مُسْتَوِيَةً وَكَانَ لَهُ فِيهَا قَوْلَانِ . فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ يَذْهَبُ إلَيْهِ مُجْتَهِدٌ فَقَوْلُهُ فِيهَا وَاحِدٌ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ مِمَّا قَدْ يَذْهَبُ إلَيْهِ مُجْتَهِدٌ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ : لَا يُخَرَّجُ . وَقَالَ الْجُمْهُورُ - كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى - يُخَرَّجُ الْجَوَابُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ مِمَّنْ يَذْهَبُ إلَى الْفَرْقِ كَمَا اقْتَضَتْهُ أُصُولُهُ . وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُخَرِّجُ الْجَوَابَ إذَا رَآهُمَا مُسْتَوِيَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ مِمَّنْ يُفَرِّقُ أَمْ لَا . وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَ بَعْضِ الْأَفْرَادِ وَبَعْضٍ مُسْتَحْضِرًا لَهُمَا فَإِنْ كَانَ سَبَبُ الْفَرْقِ مَأْخَذًا شَرْعِيًّا : كَانَ الْفَرْقُ قَوْلًا لَهُ . وَإِنْ كَانَ سَبَبُ الْفَرْقِ مَأْخَذًا عَادِيًّا أَوْ حِسِّيًّا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَكُونُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِهِ أَعْلَمَ مِنْ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ لَمْ يُبَاشِرُوا ذَلِكَ فَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا شَرْعًا وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا لَمْ يَعْلَمْهُ الْعَالِمُ ; فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ . فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ } . وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي عَيْنِ الْمَسْأَلَةِ أَوْ نَوْعِهَا مِنْ الْعِلْمِ قَدْ يُسَمَّى تَنَاقُضًا أَيْضًا ; لِأَنَّ التَّنَاقُضَ اخْتِلَافُ مَقَالَتَيْنِ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ . فَإِذَا كَانَ فِي وَقْتٍ قَدْ قَالَ : إنَّ هَذَا حَرَامٌ . وَقَالَ فِي وَقْتٍ آخَرَ فِيهِ أَوْ فِي مِثْلِهِ : إنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامِ أَوْ قَالَ مَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامِ - فَقَدْ تَنَاقَضَ قَوْلَاهُ وَهُوَ مُصِيبٌ فِي كِلَيْهِمَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ : إنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ وَإِنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ فِي الْبَاطِنِ حُكْمٌ عَلَى الْمُجْتَهِدِ غَيْرَ مَا اعْتَقَدَهُ . وَأَمَّا الْجُمْهُورُ الَّذِينَ يَقُولُونَ : إنَّ لِلَّهِ حُكْمًا فِي الْبَاطِنِ عَلِمَهُ الْعَالِمُ فِي إحْدَى الْمَقَالَتَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ فِي الْمَقَالَةِ الَّتِي تُنَاقِضُهَا وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِهِ مَعَ اجْتِهَادِهِ مَغْفُورٌ لَهُ مَعَ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ قَصْدِهِ لِلْحَقِّ وَاجْتِهَادِهِ فِي طَلَبِهِ . وَلِهَذَا يُشَبِّهُ بَعْضُهُمْ تَعَارُضَ الِاجْتِهَادَاتِ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ فِي شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ ثَابِتٌ بِخِطَابِ حُكْمِ اللَّهِ : بَاطِنًا وَظَاهِرًا ; بِخِلَافِ أَحَدِ قَوْلَيْ الْعَالِمِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ . هَذَا فِيمَنْ يَتَّقِي اللَّهَ فِيمَا يَقُولُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِتَقْوَاهُ وَسُلُوكِهِ الطَّرِيقَ الرَّاشِدَ . وَأَمَّا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ وَالْخُصُومَاتِ : فَهُمْ مَذْمُومُونَ فِي مُنَاقَضَاتِهِمْ ; لِأَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا حُسْنِ قَصْدٍ لِمَا يَجِبُ قَصْدُهُ . وَعَلَى هَذَا فَلَازِمُ قَوْلِ الْإِنْسَانِ نَوْعَانِ : أَحَدُهُمَا : لَازِمُ قَوْلِهِ الْحَقُّ فَهَذَا مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَزِمَهُ ; فَإِنَّ لَازِمَ الْحَقِّ حَقٌّ وَيَجُوزُ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ إذَا عُلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ الْتِزَامِهِ بَعْدَ ظُهُورِهِ وَكَثِيرٌ مِمَّا يُضِيفُهُ النَّاسُ إلَى مَذْهَبِ الْأَئِمَّةِ : مِنْ هَذَا الْبَابِ . وَالثَّانِي : لَازِمُ قَوْلِهِ الَّذِي لَيْسَ بِحَقِّ . فَهَذَا لَا يَجِبُ الْتِزَامُهُ ; إذْ أَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَنَاقَضَ . وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ التَّنَاقُضَ وَاقِعٌ مِنْ كُلِّ عَالِمٍ غَيْرِ النَّبِيِّينَ . ثُمَّ إنْ عُرِفَ مِنْ حَالِهِ : أَنَّهُ يَلْتَزِمُهُ بَعْدَ ظُهُورِهِ لَهُ فَقَدْ يُضَافُ إلَيْهِ ; وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ قَوْلٌ لَوْ ظَهَرَ لَهُ فَسَادُهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ ; لِكَوْنِهِ قَدْ قَالَ مَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِفَسَادِ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَلَا يَلْزَمُهُ . وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي لَازِمِ الْمَذْهَبِ : هَلْ هُوَ مَذْهَبٌ أَوْ لَيْسَ بِمَذْهَبِ ؟ هُوَ أَجْوَدُ مِنْ إطْلَاقِ أَحَدِهِمَا فَمَا كَانَ مِنْ اللَّوَازِمِ يَرْضَاهُ الْقَائِلُ بَعْدَ وُضُوحِهِ لَهُ فَهُوَ قَوْلُهُ وَمَا لَا يَرْضَاهُ فَلَيْسَ قَوْلُهُ . وَإِنْ كَانَ مُتَنَاقِضًا . وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ اللَّازِمِ الَّذِي يَجِبُ الْتِزَامُهُ مَعَ مَلْزُومِ اللَّازِمِ الَّذِي يَجِبُ تَرْكُ الْمَلْزُومِ لِلُزُومِهِ . فَإِذَا عُرِفَ هَذَا عُرِفَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَاجِبِ مِنْ الْمَقَالَاتِ وَالْوَاقِعِ مِنْهَا . وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ فِي اللَّوَازِمِ الَّتِي لَمْ يُصَرِّحْ هُوَ بِعَدَمِ لُزُومِهَا . فَأَمَّا إذَا نَفَى هُوَ اللُّزُومَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ اللَّازِمُ بِحَالِ ; وَإِلَّا لَأُضِيفَ إلَى كُلِّ عَالِمٍ مَا اعْتَقَدْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ ; لِكَوْنِهِ مُلْتَزِمًا لِرِسَالَتِهِ فَلَمَّا لَمْ يُضِفْ إلَيْهِ مَا نَفَاهُ عَنْ الرَّسُولِ ; وَإِنْ كَانَ لَازِمًا لَهُ : ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ اللَّازِمِ الَّذِي لَمْ يَنْفِهِ وَاللَّازِمِ الَّذِي نَفَاهُ . وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ نَصَّ عَلَى الْحُكْمِ نَفْيَهُ لِلُزُومِ مَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَنْ اجْتِهَادَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ . وَسَبَبُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِ الْأَهْوَاءِ - مَعَ وُجُودِ الِاخْتِلَافِ فِي قَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا : - أَنَّ الْعَالِمَ قَدْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ حُسْنِ الْقَصْدِ وَالِاجْتِهَادِ وَهُوَ مَأْمُورٌ فِي الظَّاهِرِ بِاعْتِقَادِ مَا قَامَ عِنْدَهُ دَلِيلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَابِقًا ; لَكِنَّ اعْتِقَادًا لَيْسَ بِيَقِينِيِّ كَمَا يُؤْمَرُ الْحَاكِمُ بِتَصْدِيقِ الشَّاهِدَيْنِ ذوي الْعَدْلِ وَإِنْ كَانَا فِي الْبَاطِنِ قَدْ أَخْطَآ أَوْ كَذَبَا وَكَمَا يُؤْمَرُ الْمُفْتِي بِتَصْدِيقِ الْمُخْبِرِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ أَوْ بِاتِّبَاعِ الظَّاهِرِ فَيَعْتَقِدُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الِاعْتِقَادُ مُطَابِقًا . فَالِاعْتِقَادُ الْمَطْلُوبُ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مِمَّا يُؤْمَرُ بِهِ الْعِبَادُ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُطَابِقٍ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مَأْمُورِينَ فِي الْبَاطِنِ بِاعْتِقَادٍ غَيْرِ مُطَابِقٍ قَطُّ . فَإِذَا اعْتَقَدَ الْعَالِمُ اعْتِقَادَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ فِي قَضِيَّةٍ أَوْ قَضِيَّتَيْنِ مَعَ قَصْدِهِ لِلْحَقِّ وَاتِّبَاعِهِ لِمَا أُمِرَ بِاتِّبَاعِهِ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ : عُذِّرَ بِمَا لَمْ يَعْلَمْهُ وَهُوَ الْخَطَأُ الْمَرْفُوعُ عَنَّا ; بِخِلَافِ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ . فَإِنَّهُمْ { إنْ يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ } وَيَجْزِمُونَ بِمَا يَقُولُونَهُ بِالظَّنِّ وَالْهَوَى جَزْمًا لَا يَقْبَلُ النَّقِيضَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِجَزْمِهِ فَيَعْتَقِدُونَ مَا لَمْ يُؤْمَرُوا بِاعْتِقَادِهِ لَا بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا . وَيَقْصِدُونَ مَا لَمْ يُؤْمَرُوا بِقَصْدِهِ وَيَجْتَهِدُونَ اجْتِهَادًا لَمْ يُؤْمَرُوا بِهِ فَلَمْ يَصْدُرْ عَنْهُمْ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَالْقَصْدِ مَا يَقْتَضِي مَغْفِرَةَ مَا لَمْ يَعْلَمُوهُ فَكَانُوا ظَالِمِينَ شَبِيهًا بِالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ أَوْ جَاهِلِينَ شَبِيهًا بِالضَّالِّينَ . فَالْمُجْتَهِدُ الِاجْتِهَادَ الْعِلْمِيَّ الْمَحْضَ لَيْسَ لَهُ غَرَضٌ سِوَى الْحَقِّ . وَقَدْ سَلَكَ طَرِيقَهُ . وَأَمَّا مُتَّبِعُ الْهَوَى الْمَحْضِ : فَهُوَ مَنْ يَعْلَمُ الْحَقَّ وَيُعَانِدُ عَنْهُ . وَثَمَّ قِسْمٌ آخَرُ - وَهُوَ غَالِبُ النَّاسِ - وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ هَوًى فِيهِ شُبْهَةٌ فَتَجْتَمِعُ الشَّهْوَةُ وَالشُّبْهَةُ ; وَلِهَذَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " { إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْبَصَرَ النَّافِذَ عِنْدَ وُرُودِ الشُّبُهَاتِ وَيُحِبُّ الْعَقْلَ الْكَامِلَ عِنْدَ حُلُولِ الشَّهَوَاتِ } . فَالْمُجْتَهِدُ الْمَحْضُ مَغْفُورٌ لَهُ وَمَأْجُورٌ . وَصَاحِبُ الْهَوَى الْمَحْضِ مُسْتَوْجِبٌ لِلْعَذَابِ . وَأَمَّا الْمُجْتَهِدُ الِاجْتِهَادَ الْمُرَكَّبَ مِنْ شُبْهَةٍ وَهَوًى : فَهُوَ مُسِيءٌ . وَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى دَرَجَاتٍ حَسَبَ مَا يَغْلِبُ وَبِحَسَبِ الْحَسَنَاتِ الْمَاحِيَةِ . وَأَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ - مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى فِقْهٍ أَوْ تَصَوُّفٍ - مُبْتَلُونَ بِذَلِكَ . وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ أُصُولُ مَالِكٍ وَأُصُولُ أَحْمَد وَبَعْضُ أُصُولِ غَيْرِهِمَا : هُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ . وَعَلَيْهِ يَدُلُّ غَالِبُ مُعَامَلَاتِ السَّلَفِ . وَلَا يَسْتَقِيمُ أَمْرُ النَّاسِ فِي مَعَاشِهِمْ إلَّا بِهِ وَكُلُّ مَنْ تَوَسَّعَ فِي تَحْرِيمِ مَا يَعْتَقِدُهُ غَرَرًا : فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَضْطَرَّ إلَى إجَازَةِ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ . فَإِمَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ مَذْهَبِهِ الَّذِي يُقَلِّدُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِمَّا أَنْ يَحْتَالَ . وَقَدْ رَأَيْنَا النَّاسَ وَبَلَغَتْنَا أَخْبَارُهُمْ فَمَا رَأَيْنَا أَحَدًا الْتَزَمَ مَذْهَبَهُ فِي تَحْرِيمِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ . وَنَحْنُ نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ مَفْسَدَةَ التَّحْرِيمِ لَا تَزُولُ بِالْحِيلَةِ الَّتِي يَذْكُرُونَهَا . فَمِنْ الْمُحَالِ : أَنْ يُحَرِّمُ الشَّارِعُ عَلَيْنَا أَمْرًا نَحْنُ مُحْتَاجُونَ إلَيْهِ ثُمَّ لَا يُبِيحُهُ إلَّا بِحِيلَةٍ لَا فَائِدَةَ فِيهَا . وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ جِنْسِ اللَّعِبِ .