تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ جَمَاعَةٍ صُودِرُوا وَأُخِذَتْ أَمْوَالُهُمْ ثُمَّ أُكْرِهُوا وَأُجْبِرُوا عَلَى بَيْعِ أَعْيَانٍ مِنْ عَقَارٍ وَمَوَاشٍ وَبَسَاتِينَ فَبَاعُوهَا وَالْأَعْيَانُ الْمَذْكُورَةُ بَعْضُهَا مِلْكُ أَوْلَادِ الْبَائِعِينَ وَبَعْضُهَا وَقْفٌ وَبَعْضُهَا مِلْكُ الْغَيْرِ وَوَضَعَ الْمُشْتَرِي يَدَهُ عَلَيْهَا وَحَازَهَا وَخَافَ الْبَائِعُونَ عَلَى إتْلَافِ صُورَةِ الْأَعْيَانِ وَلَيْسَ لَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْ يَدِهِ فَاشْتَرَوْهَا صُورَةً لِيَعْرِفُوا بَقَاءَهَا وَيُحْرِزُوهَا بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا آنَ الْأَجَلُ طَالَبَهُمْ بِالثَّمَنِ : فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ مِنْهُمْ بَاطِلًا بِحُكْمِ الْإِكْرَاهِ ؟ وَبَيْعُ مَالِ الْغَيْرِ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ مُشْتَرَاهُمْ مِنْهُ وَإِقْرَارُهُمْ بِالْمِلْكِ مُثْبِتٌ لَهُ بِصِحَّةِ الْمِلْكِ ؟ .
1
فَأَجَابَ : إذَا بَذَلَ الْبَائِعُ - وَالْحَالُ هَذِهِ - لِلْمُشْتَرِي فَمَا أَدَّاهُ مِنْ الثَّمَنِ وَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْإِيفَاءِ بِذَلِكَ وَطَلَبَ مَا كُتِبَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ ظَالِمٌ عَاصٍ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ ; فَإِنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ لَوْ كَانَتْ بِطِيبِ نَفْسِ الْبَائِعِ وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ لَا تُبَاعَ مِنْهُ الْأَعْيَانُ بِتَقْدِيمِ بَيْعِهِ إيَّاهَا إلَى أَجَلٍ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ كَانَتْ مُعَامَلَةً بَاطِلَةً رِبَوِيَّةً عِنْدَ سَلَفِ الْأُمَّةِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَكْثَرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَكَيْفَ وَالْبَائِعُ مُكْرَهٌ وَبَيْعُ الْمُكْرَهِ بِغَيْرِ حَقٍّ بَيْعٌ غَيْرُ لَازِمٍ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ فَلَوْ قُدِّرَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أُكْرِهَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ وَأَدَّاهُ الثَّمَنَ عَنْهُ فَأَعْطَاهُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الَّذِي أَدَّاهُ عَنْهُ لَوَجَبَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ . فَكَيْفَ وَالْمُشْتَرِي لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْبَائِعُ قَدْ بَذَلَ لَهُ الثَّمَنَ الَّذِي أَدَّاهُ عَنْهُ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُطَالَبَتُهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَلَا مُطَالَبَتُهُ بِرَدِّ الْأَعْيَانِ الَّتِي كَانَتْ مِلْكَهُ . وَهِيَ الْآنَ بِيَدِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ .