تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ تَحْتَ حِجْرٍ بِطَرِيقِ شَرْعِيٍّ وَأَنَّ الْوَصِيَّ تُوُفِّيَ إلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَرَكَ وَلَدَهُ وَأَنَّ وَلَدَهُ قَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَا تَرَكَ وَالِدُهُ وَعَلَى مَا كَانَ وَالِدُهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْيَتِيمَ طَلَبَ الْحِسَابَ مِنْ وَلَدِ الْوَصِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَأَنَّ وَلَدَهُ ادَّعَى أَنَّ وَالِدَهُ أُقْبِضَ بَعْضَ مَالِ مَحْجُورِهِ لِزَيْدِ وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّ إقْبَاضَ ذَلِكَ شَرْعًا وَأَنَّهُ بِإِشْهَادِ عَلَيْهِمَا ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الْقَابِضَ الَّذِي أَقْبَضَهُ الْوَصِيُّ ادَّعَى أَنَّهُ أَقَبَضَ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْيَتِيمِ . فَهَلْ تَجُوزُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْيَتِيمِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ ؟ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَالِ الْوَصِيِّ بِمَا أَقْبَضَهُ مِنْ مَالِهِ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ إقْبَاضَهُ شَرْعًا ؟ وَهَلْ لِوَلَدِ الْوَصِيِّ الرُّجُوعُ عَمَّا أَقْبَضَهُ وَالِدُهُ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ ؟ وَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ ؟
1
فَأَجَابَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا مَاتَ الْوَصِيُّ وَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ قَدْ ذَهَبَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَهُوَ بَاقٍ بِحُكْمِ يُوجِبُ إبْقَاءَهُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ; لَكِنْ هَلْ يَكُونُ دِينًا يُحَاصُّ الْغُرَمَاءَ ؟ أَوْ يَكُونُ أَمَانَةً يُؤْخَذُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ ؟ فِيهِ نِزَاعٌ . وَإِذَا ادَّعَى الْوَارِثُ رَدَّهُ إلَيْهِ لَمْ يَقْبَلْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ . وَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ قَدْ أَقْبَضَهُ لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ أَقْبَضَهُ لِلْيَتِيمِ فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ وَكَانَ الْإِقْبَاضُ مِمَّا يُسَوِّغُ : فَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ : مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْيَتِيمُ قَدْ رَشَدَ فَسَلَّمَ إلَيْهِ مَالَهُ بَعْدَ أَنْ آنَسَ الرُّشْدَ ; وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْحَجْرَ عَنْهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِ الْحَاكِمِ وَلَا حُكْمِهِ ; بَلْ مَتَى آنَسَ الْوَصِيُّ مِنْهُ الرُّشْدَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا } . وَأَمَّا إنْ كَانَ الْوَصِيُّ قَدْ سَلَّمَ الْمَالَ مَنْ لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَالُ وَصَلَ إلَى الْيَتِيمِ الباين رُشْدُهُ فَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْوَصِيِّ كَمَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ كُلِّ غَاصِبٍ يُوصِلُ الْمَالَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ فِعْلِ الْغَاصِبِ وَلَا تَعَدٍّ : مِثْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الْمَالِكُ قَهْرًا أَوْ يُخَلِّصَهُ لَهُ بَعْضُ النَّاسِ أَوْ تُطَيِّرَهُ إلَيْهِ الرِّيحُ فَإِنْ أَنْكَرَ الْيَتِيمُ بَعْدَ إينَاسِ الرُّشْدِ وُصُولَهُ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ ذَلِكَ الْقَابِضِ الَّذِي لَيْسَ بِوَكِيلِ لِلْوَصِيِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَ إقْبَاضَ الْوَصِيِّ أَوْ وَكِيلِهِ لِأَحَدِ : فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ؟ أَوْ قَوْلُ الْوَصِيِّ ؟ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ .