تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ : فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ طَلَاقُ الْفَارِّ ؟ وَيُعَامَلُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ ؟ وَتَرِثُهُ الزَّوْجَةُ وَتَسْتَكْمِلُ جَمِيعَ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ ؟ أَمْ لَا تَرِثُ وَتَأْخُذُ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ ؟
1
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى " مَسْأَلَةِ الْمُطَلِّقِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ " وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ تَوْرِيثُهَا كَمَا قَضَى بِذَلِكَ عُثْمَانُ بْنُ عفان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِامْرَأَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ تماضر بِنْتِ الأصبغ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ . ثُمَّ عَلَى هَذَا : هَلْ تَرِثُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ؟ وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ : أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَرِثُ أَيْضًا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ ; لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ وَرِثَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ; وَلِأَنَّ هَذِهِ إنَّمَا وَرِثَتْ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِالتَّرِكَةِ لَمَّا مَرِضَ مَرَضَ الْمَوْتِ وَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي حَقِّهَا وَحَقِّ سَائِرِ الْوَرَثَةِ ; بِحَيْثُ لَا يُمَلِّكُ التَّبَرُّعَ لِوَارِثِ وَلَا يُمَلِّكُهُ لِغَيْرِ وَارِثٍ بِزِيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ كَمَا لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ ; فَلَمَّا كَانَ تَصَرُّفُهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَرَثَةِ كَتَصَرُّفِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَمْلِكُ قَطْعَ إرْثِهَا فَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُ بَعْدَ مَرَضِهِ وَهَذَا هُوَ " طَلَاقُ الْفَارِّ " الْمَشْهُورُ بِهَذَا الِاسْمِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ الَّذِي أَفْتَى بِهِ .