تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ يَتِيمَةً صَغِيرَةً وَعَقَدَ عَقْدَهَا الشَّافِعِيُّ الْمَذْهَبِ وَلَمْ تُدْرِكْ إلَّا بَعْدَ الْعَقْدِ بِشَهْرَيْنِ : فَهَلْ هَذَا الْعَقْدُ جَائِزٌ أَمْ لَا ؟
1
فَأَجَابَ : أَمَّا " الْيَتِيمَةُ " الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ قَبْلُ لَا يُجْبِرُهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا غَيْرُ الْأَبِ . وَالْجَدِّ . وَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَالسُّلْطَانِ الَّذِي هُوَ الْحَاكِمُ أَوْ نُوَّابِ الْحَاكِمِ فِي الْعُقُودِ : لِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ . " أَحَدُهَا " لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ ; وَالْإِمَامُ أَحْمَد فِي رِوَايَةٍ . " وَالثَّانِي " يَجُوزُ النِّكَاحُ بِلَا إذْنِهَا وَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ ; وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَد . و " الثَّالِثُ " أَنَّهَا تُزَوَّجُ بِإِذْنِهَا ; وَلَا خِيَارَ لَهَا إذَا بَلَغَتْ . وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَد . فَهَذِهِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ يَجُوزُ نِكَاحُهَا فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا . وَلَوْ زَوَّجَهَا حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ : فَهَلْ يَكُونُ فِي تَزْوِيجِهِ حُكْمًا لَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ ؟ أَوْ يَفْتَقِرُ إلَى حَاكِمٍ غَيْرِهِ يَحْكُمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا : أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ . لَكِنَّ الْحَاكِمَ الْمُزَوِّجَ هنا شَافِعِيٌّ فَإِنْ كَانَ قَدْ قَلَّدَ قَوْلَ مَنْ يُصَحِّحُ هَذَا النِّكَاحَ وَرَاعَى سَائِرَ شُرُوطِهِ وَكَانَ مِمَّنْ لَهُ ذَلِكَ : جَازَ . وَإِنْ كَانَ قَدْ أَقْدَمَ عَلَى مَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ جَائِزٍ . وَإِنْ كَانَ قَدْ ظَنَّهَا بَالِغًا فَزَوَّجَهَا فَكَانَتْ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ قَدْ زَوَّجَهَا ; وَلَا يَكُونُ النِّكَاحُ صَحِيحًا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .