تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ تَزْوِيجِ الْمَمَالِيكِ بِالْجَوَارِي مِنْ غَيْرِ عِتْقٍ إذَا كَانُوا لِمَالِكِ وَاحِدٍ ؟ وَمَنْ يَعْقِدُ طَرَفَيْ النِّكَاحَ فِي الطَّرَفَيْنِ لَهُمَا ؟ وَلِأَوْلَادِهِمَا ؟ وَهَلْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَتَسَرَّى بِهِنَّ ؟
1
فَأَجَابَ : تَزْوِيجُ الْمَمَالِيكِ بِالْإِمَاءِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانُوا لِمَالِكِ وَاحِدٍ أَوْ لِمَالِكَيْنِ مَعَ بَقَائِهِمْ عَلَى الرِّقِّ . وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ . وَاَلَّذِي يُزَوِّجُ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا أَوْ وَكِيلُهُ . وَأَمَّا الْمَمْلُوكُ فَهُوَ يَقْبَلُ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ كَبِيرًا أَوْ يَقْبَلُ لَهُ وَكِيلُهُ . وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَسَيِّدُهُ يَقْبَلُ لَهُ . فَإِذَا كَانَ الزَّوْجَانِ لَهُ قَالَ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ : زَوَّجْت مَمْلُوكِي فُلَانٌ بِأَمَتِي فُلَانَةٍ وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِذَلِكَ . وَأَمَّا الْعَبْدُ الْبَالِغُ : فَهَلْ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيُكْرِهَهُ عَلَى ذَلِكَ ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ " أَحَدُهُمَا " لَا يَجُوزُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد . " وَالثَّانِي " يُجْبِرُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ . وَالْأَمَةُ فِي الْمَمْلُوكِ الصَّغِيرِ يُزَوِّجُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا بِالِاتِّفَاقِ . وَأَمَّا " الْأَوْلَادُ " فَهُمْ تَبَعٌ لِأُمِّهِمْ فِي " الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ " وَهُمْ تَبَعٌ لِأَبِيهِمْ فِي النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ . فَمَنْ كَانَ سَيِّدَ الْأُمِّ كَانَ أَوْلَادُهَا لَهُ سَوَاءً وُلِدُوا مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ زِنًا . كَمَا أَنَّ الْبَهَائِمَ مِنْ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالْحَمِيرِ إذَا نَزَا ذَكَرُهَا عَلَى أُنْثَاهَا كَانَ الْأَوْلَادُ لِمَالِكِ الْأُمِّ . وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ مُعْتَقَةً أَوْ حُرَّةَ الْأَصْلِ وَالْأَبُ مَمْلُوكًا كَانَ الْأَوْلَادُ أَحْرَارًا . وَأَمَّا " النَّسَبُ " فَإِنَّهُمْ يَنْتَسِبُونَ إلَى أَبِيهِمْ . وَإِذَا كَانَ الْأَبُ عَتِيقًا وَالْأُمُّ عَتِيقَةً كَانُوا مُنْتَسِبِينَ إلَى مَوَالِي الْأَبِ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مَمْلُوكًا انْتَسَبُوا إلَى مَوَالِي الْأُمِّ فَإِنْ عَتَقَ الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ انْجَرَّ الْوَلَاءُ مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ إلَى مَوَالِي الْأَبِ . وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ . وَمَنْ كَانَ مَالِكًا لِلْأُمِّ مَلَكَ أَوْلَادَهَا وَكَانَ لَهُ أَنْ يَتَسَرَّى بِالْبَنَاتِ مِنْ أَوْلَادِ إمَائِهِ ; إذَا لَمْ يَكُنْ يَسْتَمْتِعُ بِالْأُمِّ فَإِنَّهُ يَسْتَمْتِعُ بِبَنَاتِهَا ; فَإِنْ اسْتَمْتَعَ بِالْأُمِّ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِبَنَاتِهَا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .