تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ إذَا اسْتَحَلَّتْ بِهِ النِّسَاءُ وَهُوَ دُونُ الْبُلُوغِ : هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ زَوْجًا وَهُوَ لَا يَدْرِي الْجِمَاعَ ؟
1
فَأَجَابَ : ثَبَتَ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ { لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ وَلَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ } قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ . وَثَبَتَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ : كَعُمَرِ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى قَالَ عُمَرُ : لَا أوتى بِمُحَلِّلِ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتهمَا . وَقَالَ عُثْمَانُ : لَا نِكَاحَ إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ لَا نِكَاحَ دُلْسَةٍ . وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ مِائَةَ طَلْقَةٍ ؟ فَقَالَ : بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثِ وَسَائِرُهَا اتَّخَذَ بِهَا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا . فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ : أَرَأَيْت إنْ تَزَوَّجْتهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ : لِأُحِلَّهَا ثُمَّ أُطَلِّقَهَا ؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ : مَنْ يُخَادِعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ . وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ وَإِنْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً ; إذَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُحِلَّهَا لَهُ . وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي " كِتَاب بَيَانِ الدَّلِيلِ عَلَى بُطْلَانِ التَّحْلِيلِ " وَهَذَا لَعَمْرِي إذَا كَانَ الْمُحَلِّلُ كَبِيرًا يَطَؤُهَا وَيَذُوقُ عُسَيْلَتَهَا وَتَذُوقُ عُسَيْلَتَهُ . فَأَمَّا الْعَبْدُ الَّذِي لَا وَطْءَ فِيهِ أَوْ فِيهِ وَلَا يُعَدُّ وَطْؤُهُ وَطْئًا كَمَنْ لَا يَنْتَشِرُ ذَكَرَهُ : فَهَذَا لَا نِزَاعَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي أَنَّ هَذَا لَا يُحِلُّهَا . " وَنِكَاحُ الْمُحَلِّلِ " مِمَّا يُعَيِّرُ بِهِ النَّصَارَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَقُولُونَ : إنَّ الْمُسْلِمِينَ قَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ : إذَا طَلَّقَ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَزْنِيَ . وَنَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَجُمْهُورُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .