تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَفِي ظَاهِرِ الْحَالِ أَنَّهُ حُرٌّ فَأَقَامَتْ فِي صُحْبَتِهِ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا وَطَالَبَتْهُ بِحُقُوقِهَا فَقَالَ : أَنَا مَمْلُوكٌ يَجِبُ الْحَجْرُ عَلَيَّ : فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ بِحَقِّ الزَّوْجَةِ عَلَى حُكْمِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ ؟
1
فَأَجَابَ : حَقُّ الزَّوْجَةِ ثَابِتٌ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ لِوَجْهَيْنِ : " أَحَدُهُمَا " أَنَّ مُجَرَّدَ دَعْوَاهُ الرِّقَّ لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ ; فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ مَمْلُوكٌ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَمْ يُعْرَفْ خِلَافُ ذَلِكَ فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ . " أَحَدُهَا " يُقْبَلُ فِيمَا عَلَيْهِ دُونَ مَالِهِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي قَوْلٍ لَهُمْ . وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ بِحَالِ كَقَوْلِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد . وَالثَّالِثُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مُطْلَقًا ; وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَد فَإِذَا كَانَ مَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي لِرِقِّهِ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِمَا يُسْقِطُ حَقَّهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ : فَكَيْفَ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ الرِّقَّ ؟ وَكَيْفَ وَلَهُ خَيْرٌ وَإِقْطَاعٌ ; وَهُوَ مُنْتَسِبٌ ; وَقَدْ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ حَتَّى زُوِّجَ بِهَا ؟ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ كَذَبَ وَلَبَّسَ عَلَيْهَا وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ حَتَّى تَزَوَّجَ بِهَا وَدَخَلَ : فَهَذَا قَدْ جَنَى بِكَذِبِهِ وَتَلْبِيسِهِ ; وَالرَّقِيقُ إذَا جَنَى تَعَلَّقَتْ جِنَايَتُهُ بِرَقَبَتِهِ : فَلَهَا أَنْ تَطْلُبَ حَقَّهَا مِنْ رَقَبَتِهِ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ سَيِّدُهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِأَدَاءِ حَقِّهَا : فَلَهُ ذَلِكَ .