تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ : " إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكَلَ بِطِّيخًا أَصْفَرَ عُمْرَهُ " وَقَالَ الْآخَرُ : " إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ الْعِنَبَ دَوٍ دو " ؟
1
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . قَوْلُهُ : " أَكَلَ الْعِنَبَ : دو دو " كَذِبٌ ; لَا أَصْلَ لَهُ وَأَمَّا الْبِطِّيخُ فَقَدْ كَانُوا يَأْكُلُونَ الْبِطِّيخَ ; لَكِنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَهُمْ كَانَ الْبِطِّيخُ الْأَخْضَرُ وَمَا يُنْقَلُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد : أَنَّهُ امْتَنَعَ عَنْ أَكْلِ الْبِطِّيخِ ; لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِكَيْفِيَّةِ أَكْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذِبٌ عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَد . كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ فَاكِهَةَ بَلَدِهِ مَا قُدِّمَتْ لَهُ فَاكِهَةٌ . فَتَرَكَ أَكْلَهَا لَا عَلَى سَبِيلِ الزُّهْدِ الْفَاسِدِ وَلَا عَلَى سَبِيلِ الْوَرَعِ الْفَاسِدِ ; بَلْ كَانَ لَا يَرُدُّ مَوْجُودًا ; وَلَا يَتَكَلَّفُ مَفْقُودًا وَيَتَّبِعُ قَوْله تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ } . فَأَمَرَ بِالْأَكْلِ وَالشُّكْرِ . فَمَنْ حَرَّمَ الطَّيِّبَاتِ عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهَا بِدُونِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ : فَهُوَ مَذْمُومٌ مُبْتَدِعٌ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ } وَمَنْ أَكَلَهَا بِدُونِ الشُّكْرِ الْوَاجِبِ فِيهَا فَهُوَ مَذْمُومٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } أَيْ شُكْرِ النَّعِيمِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ . { الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ بِمَنْزِلَةِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ } وَفِي الصَّحِيح عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ بِأَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا } وَكَذَلِكَ " الْإِسْرَافُ فِي الْأَكْلِ " مَذْمُومٌ وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ . وَمَنْ أَكَلَ بِنِيَّةِ الِاسْتِعَانَةِ عَلَى عِبَادَةٍ كَانَ مَأْجُورًا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ . { نَفَقَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا صَدَقَةً } وَقَالَ لِسَعْدِ : { إنَّك لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا ازْدَدْت بِهَا دَرَجَةً وَرِفْعَةً حَتَّى اللُّقْمَةَ تَضَعُهَا فِي فِي امْرَأَتِك } ؟