تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
فَصْلٌ : وَالْمُنَازِعُونَ " النفاة " كَذَلِكَ . مِنْهُمْ مَنْ يَنْفِي الصِّفَاتِ مُطْلَقًا فَهَذَا يَكُونُ الْكَلَامُ مَعَهُ فِي الصِّفَاتِ مُطْلَقًا ; لَا يَخْتَصُّ " بِالصِّفَاتِ الِاخْتِيَارِيَّةِ " . وَمِنْهُمْ مَنْ يُثْبِتُ الصِّفَاتِ وَيَقُولُ لَا يَقُومُ بِذَاتِهِ شَيْءٌ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ ; فَيَقُولُ : إنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ وَيَقُولُ : لَا يَرْضَى وَيَسْخَطُ وَيُحِبُّ وَيُبْغِضُ وَيَخْتَارُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَيَقُولُ : إنَّهُ لَا يَفْعَلُ فِعْلًا " هُوَ الْخَلْقُ " يَخْلُقُ بِهِ الْمَخْلُوقَ وَلَا يَقْدِرُ عِنْدَهُ عَلَى فِعْلٍ يَقُومُ بِذَاتِهِ بَلْ مَقْدُورُهُ لَا يَكُونُ إلَّا مُنْفَصِلًا مِنْهُ وَهَذَا مَوْضِعٌ تَنَازَعَ فِيهِ النفاة . فَقِيلَ : لَا يَكُونُ " مَقْدُورُهُ " إلَّا بَائِنًا عَنْهُ ; كَمَا يَقُولُهُ الجهمية والكلابية وَالْمُعْتَزِلَةُ وَقِيلَ : لَا يَكُونُ " مَقْدُورُهُ " إلَّا مَا يَقُومُ بِذَاتِهِ ; كَمَا يَقُولُهُ : السالمية والكرامية وَالصَّحِيحُ : أَنَّ كِلَيْهِمَا مَقْدُورٌ لَهُ . أَمَّا " الْفِعْلُ " فَمِثْلُ قَوْله تَعَالَى { قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } وَقَوْلِهِ : { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } وَقَوْلِ الْحَوَارِيِّينَ : { هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ } وَقَوْلِهِ : { أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } وَقَوْلِهِ : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى " الْأَفْعَالِ " كَالْإِحْيَاءِ وَالْبَعْثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَأَمَّا " الْقُدْرَةُ عَلَى الْأَعْيَانِ " فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ : " { كُنْت أَضْرِبُ غُلَامًا لِي فَرَآنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْك مِنْك عَلَى هَذَا } " فَقَوْلُهُ : " لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْك مِنْك عَلَى هَذَا " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْأَعْيَانِ الْمُنْفَصِلَةِ : " قُدْرَةَ الرَّبِّ " وَ " قُدْرَةَ الْعَبْدِ " . وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : كِلَاهُمَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ كالكرامية وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : قُدْرَةُ الرَّبِّ تَتَعَلَّقُ بِالْمُنْفَصِلِ وَأَمَّا قُدْرَةُ الْعَبْدِ فَلَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِفِعْلِ فِي مَحَلِّهَا كَالْأَشْعَرِيَّةِ . وَ " النُّصُوصُ " تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كِلَا الْقُدْرَتَيْنِ تَتَعَلَّقُ بِالْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّ الْعَبْدَ يَقْدِرُ عَلَى أَفْعَالِهِ كَقَوْلِهِ : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } وَقَوْلِهِ : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ } فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِنَّا مَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ وَمِنَّا مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ } " . أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ . وَقَوْلُهُ : " { إنْ اسْتَطَعْت أَنْ تَعْمَلَ بِالرِّضَا مَعَ الْيَقِينِ فَافْعَلْ } وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ : " { إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ } وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى عَبْدِهِ وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ : لَا تَقُومُ بِهِ " الْأُمُورُ الِاخْتِيَارِيَّةُ " عُمْدَتُهُمْ أَنَّهُ لَوْ قَامَتْ بِهِ الْحَوَادِثُ لَمْ يَخْلُ مِنْهَا وَمَا لَمْ يَخْلُ مِنْ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ وَقَدْ نَازَعَهُمْ النَّاسُ فِي كِلَا " الْمُقَدِّمَتَيْنِ " وَأَصْحَابُهُمْ الْمُتَأَخِّرُونَ كالرازي والآمدي قَدَحُوا فِي " الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى " فِي نَفْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدَحَ الرازي فِي " الْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ " فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِهِ وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . وَقَوْلُهُمْ : إنَّا عَرَفْنَا حُدُوثَ الْعَالَمِ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ وَبِهِ أَثْبَتْنَا " الصَّانِعَ " يُقَالُ لَهُمْ : لَا جَرَمَ ابْتَدَعْتُمْ طَرِيقًا لَا يُوَافِقُ السَّمْعَ وَلَا الْعَقْلَ فَالْعَالِمُونَ بِالشَّرْعِ مُعْتَرِفُونَ أَنَّكُمْ مُبْتَدِعُونَ مُحْدِثُونَ فِي الْإِسْلَامِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَاَلَّذِينَ يَعْقِلُونَ مَا يَقُولُونَ يَعْلَمُونَ أَنَّ الْعَقْلَ يُنَاقِضُ مَا قُلْتُمْ وَأَنَّ مَا جَعَلْتُمُوهُ دَلِيلًا عَلَى إثْبَاتِ الصَّانِعِ لَا يَدُلُّ عَلَى إثْبَاتِهِ بَلْ هُوَ اسْتِدْلَالٌ عَلَى نَفْيِ " الصَّانِعِ " . وَإِثْبَاتُ " الصَّانِعِ " حَقٌّ وَهَذَا الْحَقُّ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِهِ إبْطَالُ اسْتِدْلَالِكُمْ بِأَنَّ مَا لَمْ يَخْلُ مِنْ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ . وَأَمَّا كَوْنُ " طَرِيقِكُمْ مُبْتَدَعَةً " مَا سَلَكَهَا الْأَنْبِيَاءُ وَلَا أَتْبَاعُهُمْ وَلَا سَلَفُ الْأُمَّةِ ; فَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْرِفُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ - وَإِنْ كَانَتْ مَعْرِفَتُهُ مُتَوَسِّطَةً ; لَمْ يَصِلْ فِي ذَلِكَ إلَى الْغَايَةِ - - يَعْلَمُ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدْعُ النَّاسَ فِي مَعْرِفَةِ الصَّانِعِ وَتَوْحِيدِهِ وَصِدْقِ رُسُلِهِ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِثُبُوتِ الْأَعْرَاضِ وَأَنَّهَا حَادِثَةٌ وَلَازِمَةٌ لِلْأَجْسَامِ ; وَمَا لَمْ يَخْلُ مِنْ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ ; لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا . فَعُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ " هَذِهِ الطَّرِيقَ " لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهَا الرَّسُولُ وَلَا دَعَا إلَيْهَا وَلَا أَصْحَابُهُ وَلَا تَكَلَّمُوا بِهَا وَلَا دَعَوْا بِهَا النَّاسَ . وَهَذَا يُوجِبُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ مِنْ دِينِ الرَّسُولِ فَإِنَّ عِنْدَ الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ أَنَّ اللَّهَ يُعْرَفُ وَيُعْرَفُ تَوْحِيدُهُ وَصِدْقُ رُسُلِهِ بِغَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ فَدَلَّ الشَّرْعُ دَلَالَةً ضَرُورِيَّةً عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ وَدَلَّ مَا فِيهَا مِنْ مُخَالَفَةِ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّهَا طَرِيقٌ بَاطِلَةٌ . فَدَلَّ الشَّرْعُ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا وَأَنَّهَا بَاطِلَةٌ . وَأَمَّا الْعَقْلُ فَقَدْ بَسَطَ الْقَوْلَ فِي جَمِيعِ مَا قِيلَ فِيهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَبَيَّنَ أَنَّ أَئِمَّةَ أَصْحَابِهَا قَدْ يَعْتَرِفُونَ بِفَسَادِهَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ . كَمَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ أَبِي حَامِدٍ والرازي وَغَيْرِهِمَا بَيَانُ فَسَادِهَا . وَلَمَّا ظَهَرَ فَسَادُهَا لِلْعَقْلِ تَسَلَّطَ " الْفَلَاسِفَةُ " عَلَى سَالِكِيهَا وَظَنَّتْ الْفَلَاسِفَةُ أَنَّهُمْ إذَا قَدَحُوا فِيهَا فَقَدْ قَدَحُوا فِي دَلَالَةِ الشَّرْعِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ الشَّرْعَ جَاءَ بِمُوجَبِهَا إذْ كَانُوا أَجْهَلَ بِالشَّرْعِ وَالْعَقْلِ مِنْ سَالِكِيهَا فَسَالِكُوهَا لَا لِلْإِسْلَامِ نَصَرُوا وَلَا لِأَعْدَائِهِ كَسَرُوا بَلْ سَلَّطُوا الْفَلَاسِفَةَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْإِسْلَامِ . وَهَذَا كُلُّهُ مَبْسُوطٌ فِي مَوَاضِعَ . وَإِنَّمَا " الْمَقْصُودُ هُنَا " : أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ نَفْيَهُمْ " لِلصِّفَاتِ الِاخْتِيَارِيَّةِ " الَّتِي يُسَمُّونَهَا حُلُولَ الْحَوَادِثِ لَيْسَ لَهُمْ دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ عَلَيْهِ وَحُذَّاقُهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِذَلِكَ وَأَمَّا السَّمْعُ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ مَمْلُوءٌ بِمَا يُنَاقِضُهُ وَالْعَقْلُ أَيْضًا يَدُلُّ نَقِيضُهُ مِنْ وُجُوهٍ نَبَّهْنَا عَلَى بَعْضِهَا . وَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْ مَعَ أَصْحَابِهَا حُجَّةٌ " لَا عَقْلِيَّةٌ وَلَا سَمْعِيَّةٌ " : مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ احْتَالَ مُتَأَخِّرُوهُمْ فَسَلَكُوا " طَرِيقًا سَمْعِيَّةً " ظَنُّوا أَنَّهَا تَنْفَعُهُمْ فَقَالُوا : هَذِهِ الصِّفَاتُ إنْ كَانَتْ صِفَاتُ نَقْصٍ وَجَبَ تَنْزِيهُ الرَّبِّ عَنْهَا وَإِنْ كَانَتْ صِفَاتِ كَمَالٍ فَقَدْ كَانَ فَاقِدًا لَهَا قَبْلَ حُدُوثِهَا وَعَدَمُ الْكَمَالِ نَقْصٌ ; فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كَانَ نَاقِصًا وَتَنْزِيهُهُ عَنْ النَّقْصِ وَاجِبٌ بِالْإِجْمَاعِ وَهَذِهِ الْحُجَّةُ مِنْ أَفْسَدِ الْحُجَجِ وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ : ( أَحَدُهَا : أَنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ : نَفْيُ النَّقْصِ عَنْهُ لَمْ يُعْلَمْ بِالْعَقْلِ وَإِنَّمَا عُلِمَ " بِالْإِجْمَاعِ " - وَعَلَيْهِ اعْتَمَدُوا فِي نَفْيِ النَّقْصِ - فَنَعُودُ إلَى احْتِجَاجِهِمْ بِالْإِجْمَاعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي مَوَارِدِ النِّزَاعِ ; فَإِنَّ الْمُنَازِعَ لَهُمْ يَقُولُ أَنَا لَمْ أُوَافِقْكُمْ عَلَى نَفْيِ هَذَا الْمَعْنَى وَإِنْ وَافَقْتُكُمْ عَلَى إطْلَاقِ الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنْ النَّقْصِ ; فَهَذَا الْمَعْنَى عِنْدِي لَيْسَ بِنَقْصِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيمَا سَلَّمْته لَكُمْ فَإِنْ بَيَّنْتُمْ بِالْعَقْلِ أَوْ بِالسَّمْعِ انْتِفَاءَهُ وَإِلَّا فَاحْتِجَاجُكُمْ بِقَوْلِي مَعَ أَنِّي لَمْ أُرِدْ ذَلِكَ كَذِبٌ عَلَيَّ ; فَإِنَّكُمْ تَحْتَجُّونَ بِالْإِجْمَاعِ ; وَالطَّائِفَةِ الْمُثْبِتَةِ مِنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ وَهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوا هَذَا . ( الثَّانِي : أَنَّ عَدَمَ هَذِهِ الْأُمُورِ قَبْلَ وُجُودِهَا نَقْصٌ ; بَلْ لَوْ وُجِدَتْ قَبْلَ وُجُودِهَا لَكَانَ نَقْصًا ; مِثَالُ ذَلِكَ تَكْلِيمُ اللَّهِ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَنِدَاؤُهُ لَهُ فَنِدَاؤُهُ حِينَ نَادَاهُ صِفَةُ كَمَالٍ ; وَلَوْ نَادَاهُ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ لَكَانَ ذَلِكَ نَقْصًا ; فَكُلٌّ مِنْهَا كَمَالٌ حِينَ وُجُودِهِ ; لَيْسَ بِكَمَالِ قَبْلَ وُجُودِهِ ; بَلْ وَجُودُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي تَقْتَضِي الْحِكْمَةُ وَجُودَهُ فِيهِ نَقْصٌ . ( الثَّالِثُ : أَنْ يُقَالَ : لَا نُسَلِّمُ أَنَّ عَدَمَ ذَلِكَ نَقْصٌ فَإِنَّ مَا كَانَ حَادِثًا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا وَمَا كَانَ مُمْتَنِعًا لَمْ يَكُنْ عَدَمُهُ نَقْصًا ; لِأَنَّ النَّقْصَ فَوَاتُ مَا يُمْكِنُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ . ( الرَّابِعُ : أَنَّ هَذَا يَرِدُ فِي كُلِّ مَا فَعَلَهُ الرَّبُّ وَخَلَقَهُ . فَيُقَالُ : خَلَقَ هَذَا إنْ كَانَ نَقْصًا فَقَدْ اتَّصَفَ بِالنَّقْصِ وَإِنْ كَانَ كَمَالًا فَقَدْ كَانَ فَاقِدًا لَهُ ; فَإِنْ قُلْتُمْ : " صِفَاتُ الْأَفْعَالِ " عِنْدَنَا لَيْسَتْ بِنَقْصِ وَلَا كَمَالٍ . قِيلَ : إذَا قُلْتُمْ ذَلِكَ أَمْكَنَ الْمُنَازِعَ أَنْ يَقُولَ : هَذِهِ الْحَوَادِثُ لَيْسَتْ بِنَقْصِ وَلَا كَمَالٍ . ( الْخَامِسُ : أَنْ يُقَالَ : إذَا عَرَضَ عَلَى الْعَقْلِ الصَّرِيحِ ذَاتٌ يُمْكِنُهَا أَنْ تَتَكَلَّمَ بِقُدْرَتِهَا وَتَفْعَلَ مَا تَشَاءُ بِنَفْسِهَا وَذَاتٌ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَتَكَلَّمَ بِمَشِيئَتِهَا وَلَا تَتَصَرَّفَ بِنَفْسِهَا أَلْبَتَّةَ بَلْ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الزَّمَنِ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ فِعْلٌ يَقُومُ بِهِ بِاخْتِيَارِهِ قَضَى الْعَقْلُ الصَّرِيحُ بِأَنَّ هَذِهِ الذَّاتَ أَكْمَلُ وَحِينَئِذٍ فَأَنْتُمْ الَّذِينَ وَصَفْتُمْ الرَّبَّ بِصِفَةِ النَّقْصِ ; وَالْكَمَالُ فِي اتِّصَافِهِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ ; لَا فِي نَفْيِ اتِّصَافِهِ بِهَا . ( السَّادِسُ : أَنْ يُقَالَ : الْحَوَادِثُ الَّتِي يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهَا أَزَلِيًّا وَلَا يُمْكِنُ وُجُودُهَا إلَّا شَيْئًا فَشَيْئًا إذَا قِيلَ : أَيُّمَا أَكْمَلُ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى فِعْلِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا أَوْ لَا يَقْدِرَ عَلَى ذَلِكَ ؟ كَانَ مَعْلُومًا - بِصَرِيحِ الْعَقْلِ - أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى فِعْلِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا أَكْمَلُ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ . وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ : إنَّ الرَّبَّ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ ; وَتَقُولُونَ إنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى أُمُورٍ مُبَايِنَةٍ لَهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قُدْرَةَ الْقَادِرِ عَلَى فِعْلِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى أُمُورٍ مُبَايِنَةٍ لَهُ ; فَإِذَا قُلْتُمْ لَا يَقْدِرُ عَلَى فِعْلٍ مُتَّصِلٍ بِهِ لَزِمَ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الْمُنْفَصِلِ ; فَلَزِمَ عَلَى قَوْلِكُمْ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ وَلَا أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا فَلَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ خَالِقًا لِشَيْءِ ; وَهَذَا لَازِمٌ للنفاة لَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهُ . وَلِهَذَا قِيلَ : الطَّرِيقُ الَّتِي سَلَكُوهَا فِي حُدُوثِ الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ الصَّانِعِ : تُنَاقِضُ حُدُوثَ الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ الصَّانِعِ وَلَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِحُدُوثِ الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ الصَّانِعِ إلَّا بِإِبْطَالِهَا ; لَا بِإِثْبَاتِهَا . فَكَانَ مَا اعْتَمَدُوا عَلَيْهِ وَجَعَلُوهُ أُصُولًا لِلدِّينِ وَدَلِيلًا عَلَيْهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ بَاطِلٌ شَرْعًا وَعَقْلًا وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِلدِّينِ وَمُنَافٍ لَهُ . وَلِهَذَا كَانَ " السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ " يَعِيبُونَ كَلَامَهُمْ هَذَا وَيَذُمُّونَهُ وَيَقُولُونَ : مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ ; كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ . وَيَرْوِي عَنْ مَالِكٍ . وَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ : حُكْمِي فِي أَهْلِ الْكَلَامِ أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ وَيُطَافَ بِهِمْ فِي الْعَشَائِرِ وَيُقَالَ : هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : عُلَمَاءُ الْكَلَامِ زَنَادِقَةٌ وَمَا ارْتَدَى أَحَدٌ بِالْكَلَامِ فَأَفْلَحَ . وَقَدْ صَدَقَ الْأَئِمَّةُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يَبْنُونَ أَمْرَهُمْ عَلَى " كَلَامٍ مُجْمَلٍ " يَرُوجُ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَتَهُ فَإِذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ حَقٌّ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَقِيَ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَنِفَاقٌ وَرَيْبٌ وَشَكٌّ ; بَلْ طَعَنَ فِيمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَهَذِهِ هِيَ الزَّنْدَقَةُ . وَهُوَ " كَلَامٌ بَاطِلٌ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ " كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : الْعِلْمُ بِالْكَلَامِ هُوَ الْجَهْلُ فَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ مَعَهُمْ عَقْلِيَّاتٌ وَإِنَّمَا مَعَهُمْ جهليات : { كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ } . هَذَا هُوَ الْجَهْلُ الْمُرَكَّبُ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ وَحِيرَةٍ فَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ . أَيْنَ هَؤُلَاءِ مِنْ نُورِ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } . فَإِنْ قِيلَ : أَمَّا كَوْنُ الْكَلَامِ وَالْفِعْلِ يَدْخُلُ فِي " الصِّفَاتِ الِاخْتِيَارِيَّةِ " فَظَاهِرٌ . فَإِنَّهُ يَكُونُ بِمَشِيئَةِ الرَّبِّ وَقُدْرَتِهِ وَأَمَّا " الْإِرَادَةُ " وَ " الْمَحَبَّةُ " وَ " الرِّضَا " وَ " الْغَضَبُ " فَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ نَفْسَ " الْإِرَادَةِ " هِيَ الْمَشِيئَةُ وَهُوَ سُبْحَانَهُ إذَا خَلَقَ مَنْ يُحِبُّهُ كَالْخَلِيلِ فَإِنَّهُ يُحِبُّهُ وَيُحِبُّ الْمُؤْمِنِينَ وَيُحِبُّونَهُ وَكَذَلِكَ إذَا عَمِلَ النَّاسُ أَعْمَالًا يَرَاهَا وَهَذَا لَازِمٌ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَدْخُلُ تَحْتَ الِاخْتِيَارِ . قِيلَ : كُلُّ مَا كَانَ بَعْدَ عَدَمِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ; فَمَا شَاءَ وَجَبَ كَوْنُهُ وَهُوَ تَحْتَ مَشِيئَةِ الرَّبِّ وَقُدْرَتِهِ وَمَا لَمْ يَشَأْهُ امْتَنَعَ كَوْنُهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ . كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ } { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ } . فَكَوْنُ الشَّيْءِ وَاجِبُ الْوُقُوعِ لِكَوْنِهِ قَدْ سَبَقَ بِهِ الْقَضَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ وَاقِعًا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ كَحَيَاتِهِ وَعِلْمِهِ . فَإِنَّ " إرَادَتَهُ للمستقبلات " هِيَ مَسْبُوقَةٌ " بِإِرَادَتِهِ لِلْمَاضِي " { إنَّمَا أَمْرُهُ إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } وَهُوَ إنَّمَا أَرَادَ " هَذَا الثَّانِيَ " بَعْدَ أَنْ أَرَادَ قَبْلَهُ مَا يَقْتَضِي إرَادَتَهُ ; فَكَانَ حُصُولُ الْإِرَادَةِ اللَّاحِقَةِ بِالْإِرَادَةِ السَّابِقَةِ . وَالنَّاسُ قَدْ اضْطَرَبُوا فِي " مَسْأَلَةِ إرَادَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى " عَلَى أَقْوَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ . وَمِنْهُمْ مَنْ نَفَاهَا وَرَجَّحَ الرازي هَذَا فِي " مَطَالِبِهِ الْعَالِيَةِ " لَكِنْ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - نَحْنُ قَرَّرْنَاهَا وَبَيَّنَّا فَسَادَ الشُّبَهِ الْمَانِعَةِ مِنْهَا ; وَأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ هُوَ الْحَقُّ الْمَحْضُ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَعْقُولَاتُ الصَّرِيحَةُ وَأَنَّ " صَرِيحَ الْمَعْقُولِ مُوَافِقٌ لِصَحِيحِ الْمَنْقُولِ " . وَكُنَّا قَدْ بَيَّنَّا " أَوَّلًا " أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَعَارُضُ الْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَارَضَ دَلِيلَانِ قَطْعِيَّانِ سَوَاءٌ كَانَا عَقْلِيَّيْنِ أَوْ سَمْعِيَّيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَقْلِيًّا وَالْآخَرُ سَمْعِيًّا ; ثُمَّ بَيَّنَّا بَعْدَ ذَلِكَ : أَنَّهَا مُتَوَافِقَةٌ مُتَنَاصِرَةٌ مُتَعَاضِدَةٌ . فَالْعَقْلُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ السَّمْعِ وَالسَّمْعُ يُبَيِّنُ صِحَّةَ الْعَقْلِ وَأَنَّ مَنْ سَلَكَ أَحَدَهُمَا أَفْضَى بِهِ إلَى الْآخَرِ . وَأَنَّ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْمَعُونَ وَلَا يَعْقِلُونَ . كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إنْ هُمْ إلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا } وَقَالَ تَعَالَى : { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } { قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إنْ أَنْتُمْ إلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ } { وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ } وَقَالَ : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } وَقَالَ تَعَالَى : { إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } . فَقَدْ بَيَّنَ الْقُرْآنُ أَنَّ مَنْ كَانَ يَعْقِلُ أَوْ كَانَ يَسْمَعُ : فَإِنَّهُ يَكُونُ نَاجِيًا وَسَعِيدًا وَيَكُونُ مُؤْمِنًا بِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَقَدْ بُسِطَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .