تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَهَا عِنْدَهُ أَرْبَعُ سِنِينَ لَمْ تَحِضْ وَذَكَرَتْ أَنَّ لَهَا أَرْبَعَ سِنِينَ قَبْلَ زَوَاجِهَا لَمْ تَحِضْ فَحَصَلَ مِنْ زَوْجِهَا الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ : فَكَيْفَ يَكُونُ تَزْوِيجُهَا بِالزَّوْجِ الْآخَرِ ؟ وَكَيْفَ تَكُونُ الْعِدَّةُ وَعُمْرُهَا خَمْسُونَ سَنَةً .
1
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . هَذِهِ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْآيِسَاتِ " ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ " فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ ; فَإِنَّهَا قَدْ عَرَفَتْ أَنَّ حَيْضَهَا قَدْ انْقَطَعَ وَقَدْ عَرَفَتْ أَنَّهُ قَدْ انْقَطَعَ انْقِطَاعًا مُسْتَمِرًّا ; بِخِلَافِ الْمُسْتَرِيبَةِ الَّتِي لَا تَدْرِي مَا رَفَعَ حَيْضَهَا : هَلْ هُوَ ارْتِفَاعُ إيَاسٍ ؟ أَوْ ارْتِفَاعٌ لِعَارِضِ ثُمَّ يَعُودُ : كَالْمَرَضِ وَالرَّضَاعِ ؟ فَهَذِهِ " ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ " . فَمَا ارْتَفَعَ لِعَارِضِ : كَالْمَرَضِ وَالرَّضَاعِ ; فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ زَوَالَ الْعَارِضِ بِلَا رَيْبٍ . وَمَتَى ارْتَفَعَ لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ : فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ : أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْآيِسَاتِ بَعْدَ أَنْ تَمْكُثَ مُدَّةَ الْحَمْلِ كَمَا قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ . وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهَا تَمْكُثُ حَتَّى تَطْعَنَ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ فَتَعْتَدَّ عِدَّةَ الْآيِسَاتِ . وَفِي هَذَا ضَرَرٌ عَظِيمٌ عَلَيْهَا ; فَإِنَّهَا تَمْكُثُ عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا تَتَزَوَّجُ . وَمِثْلُ هَذَا الْحَرَجِ مَرْفُوعٌ عَنْ الْأُمَّةِ ; وَإِنَّمَا اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ فَإِنَّهُنَّ يَعْتَدِدْنَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ . لَكِنَّ الْعُلَمَاءَ مُخْتَلِفُونَ : هَلْ لِلْإِيَاسِ سِنٌّ لَا يَكُونُ الدَّمُ بَعْدَهُ إلَّا دَمَ إيَاسٍ ؟ وَهَلْ ذَلِكَ السِّنُّ خَمْسُونَ أَوْ سِتُّونَ ؟ أَوْ فِيهِ تَفْصِيلٌ ؟ وَمُتَنَازِعُونَ : هَلْ يُعْلَمُ الْإِيَاسُ بِدُونِ السِّنِّ ؟ وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ قَدْ طَعَنَتْ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ الْخَمْسُونَ وَلَهَا مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ لَمْ تَحِضْ وَقَدْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا شَرِبَتْ مَا يَقْطَعُ الدَّمَ وَالدَّمُ يَأْتِي بِدَوَاءِ : فَهَذِهِ لَا تَرْجُو عَوْدَ الدَّمِ إلَيْهَا فَهِيَ مِنْ الْآيِسَاتِ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْآيِسَاتِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .