وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ خَطَبَ قَرِيبَتَهُ فَقَالَ : وَالِدُهَا هِيَ رَضَعَتْ مَعَك وَنَهَاهُ عَنْ التَّزْوِيجِ بِهَا فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُوهُ تَزَوَّجَ بِهَا وَكَانَ الْعُدُولُ شَهِدُوا عَلَى وَالِدَتِهَا أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْكَرَتْ وَقَالَتْ : مَا قُلْت هَذَا الْقَوْلَ إلَّا لِغَرَضِ : فَهَلْ يَحِلُّ تَزْوِيجُهَا ؟
فَأَجَابَ . إنْ كَانَتْ الْأُمُّ مَعْرُوفَةً بِالصِّدْقِ وَذَكَرَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إذَا تَزَوَّجَهَا فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ لَمَّا ذَكَرَتْ الْأَمَةُ السَّوْدَاءُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا } " . وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي صِدْقِهَا أَوْ فِي عَدَدِ الرَّضَعَاتِ : فَإِنَّهَا تَكُونُ مِنْ الشُّبُهَاتِ : فَاجْتِنَابُهَا أَوْلَى وَلَا يُحْكَمُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا إلَّا بِحُجَّةِ تُوجِبُ ذَلِكَ . وَإِذَا رَجَعَتْ عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ لَمْ تَحْرُمْ الزَّوْجَةُ ; لَكِنْ إنْ عُرِفَ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فِي رُجُوعِهَا وَأَنَّهَا رَجَعَتْ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا حَتَّى كَتَمَتْ الشَّهَادَةَ : لَمْ يَحِلَّ التَّزْوِيجُ وَاَللَّه أَعْلَمُ .