وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ عَاجِزٍ عَنْ نَفَقَةِ بِنْتِهِ وَكَانَ غَائِبًا وَهِيَ عِنْدَ أُمِّهَا وَجَدَّتُهَا تُنْفِقُ عَلَيْهَا ; مَعَ أَنَّهَا مُوسِرَةٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضٌ : فَهَلْ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّفَقَةِ الْمُدَّةَ الَّتِي كَانَ عَاجِزًا عَنْ النَّفَقَةِ فِيهَا ؟ وَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي إعْسَارِهِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ ؟ أَوْ قَوْلُ الْمُدَّعِي ؟ وَإِذَا كَانَ مُقِيمًا فِي بَلَدٍ فِيهَا خَيْرُهُ وَيُرِيدُ أَخْذَ بِنْتِهِ مَعَهُ وَهُوَ يُسَافِرُ سَفَرَ نُقْلَةٍ : فَيَسْتَحِقُّ السَّفَرَ بِهَا وَتَكُونُ الْحَضَانَةُ لِأُمِّهَا ؟
فَأَجَابَ : أَمَّا الْمُدَّةُ الَّتِي كَانَ عَاجِزًا عَنْ النَّفَقَةِ فِيهَا فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَلَا رُجُوعَ لِمَنْ أَنْفَقَ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ بِغَيْرِ نِزَاعٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِيمَا إذَا أَنْفَقَ مُنْفِقٌ بِدُونِ إذْنِهِ مَعَ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ . فَقِيلَ : يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي قَوْلٍ . وَلَا يَجُوزُ حَبْسُهُ عَلَى هَذِهِ النَّفَقَةِ وَلَا عَلَى الرُّجُوعِ بِهَا حَتَّى يَثْبُتَ الْوُجُوبُ بِيَسَارِهِ . فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْيَسَارِ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ : فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ . وَإِذَا كَانَ مُقِيمًا فِي غَيْرِ بَلَدِ الْأُمِّ فَالْحَضَانَةُ لَهُ ; لَا لِلْأُمِّ ; وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ أَحَقَّ بِالْحَضَانَةِ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ . وَهَذَا أَيْضًا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .