مسألة تالية
متن:
وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَصْلٌ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ فِي " قِتَالِ عَلِيٍّ وَمَنْ حَارَبَهُ " عَلَى أَقْوَالٍ : أَمَّا " الْخَوَارِجُ " فَتُكَفِّرُ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُقْتَتِلَتَيْن جَمِيعًا . وَأَمَّا " الرَّافِضَةُ " فَتُكَفِّرُ مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا ; مَعَ الْمُتَوَاتِرِ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ حَكَمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ وَمَنَعَ مِنْ تَكْفِيرِهِمْ . وَلَهُمْ فِي قِتَالِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ ; وَعَائِشَةَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : " أَحَدُهَا " تَفْسِيقُ [ إحْدَى ] الطَّائِفَتَيْنِ ; لَا بِعَيْنِهَا . وَهُوَ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَأَصْحَابِهِ . و " الثَّانِي " تَفْسِيقُ مَنْ قَاتَلَهُ إلَّا مَنْ تَابَ وَيَقُولُونَ : إنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَائِشَةَ تَابُوا وَهَذَا مُقْتَضَى مَا حُكِيَ عَنْ جُمْهُورِهِمْ ; كَأَبِي الهذيل وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي الْحُسَيْنِ وَغَيْرِهِمْ . وَذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى تَخْطِئَتِهِ فِي قِتَالِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ ; دُونَ قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ . فَفِي الْجُمْلَةِ " أَهْلُ الْبِدَعِ " : مِنْ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْمُعْتَزِلَةِ ; وَنَحْوِهِمْ : يَجْعَلُونَ الْقِتَالَ مُوجِبًا لِكُفْرِ أَوْ لِفِسْقِ . وَأَمَّا " أَهْلُ السُّنَّةِ " فَمُتَّفِقُونَ عَلَى عَدَالَةِ الْقَوْمِ ; ثُمَّ لَهُمْ فِي التَّصْوِيبِ وَالتَّخْطِئَةِ مَذَاهِبُ لِأَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ . " أَحَدُهَا " أَنَّ الْمُصِيبَ عَلِيٌّ فَقَطْ . و " الثَّانِي " الْجَمِيعُ مُصِيبُونَ . و " الثَّالِثُ " الْمُصِيبُ وَاحِدٌ ; لَا بِعَيْنِهِ . و " الرَّابِعُ " الْإِمْسَاكُ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ مُطْلَقًا ; مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ هُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ كَمَا فِي حَدِيث أَبِي سَعِيدٍ لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ } وَهَذَا فِي حَرْبِ أَهْلِ الشَّامِ وَالْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَرْبَ الْجَمَلِ فِتْنَةٌ وَأَنَّ تَرْكَ الْقِتَالِ فِيهَا أَوْلَى فَعَلَى هَذَا نُصُوصُ أَحْمَد وَأَكْثَرُ أَهْلِ السُّنَّةِ . وَذَلِكَ الشِّجَارُ بِالْأَلْسِنَةِ وَالْأَيْدِي أَصْلٌ لِمَا جَرَى بَيْنَ الْأُمَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ ; فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا . فَلْيَعْتَبِرْ الْعَاقِلُ بِذَلِكَ ; وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ .