تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ } " وَقَالَ آخَرُ : إذَا سَلَكَ الطَّرِيقَ الْحَمِيدَةَ وَاتَّبَعَ الشَّرْعَ دَخَلَ ضِمْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِذَا فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُبَالِ مَا نَقَصَ مِنْ دِينِهِ وَزَادَ فِي دُنْيَاهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضِمْنِ هَذَا الْحَدِيثِ . قَالَ لَهُ نَاقِلُ الْحَدِيثِ : أَنَا لَوْ فَعَلْت كُلَّ مَا لَا يَلِيقُ وَقُلْت لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ : دَخَلْت الْجَنَّةَ وَلَمْ أَدْخُلْ النَّارَ ؟
1
فَأَجَابَ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ تَلَفُّظِ الْإِنْسَانِ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ بِحَالِ فَهُوَ ضَالٌّ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ ; فَإِنَّهُ قَدْ تَلَفَّظَ بِهَا الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَهُمْ كَثِيرُونَ ; بَلْ الْمُنَافِقُونَ قَدْ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ; وَلَكِنْ لَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { إنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلَّا قَلِيلًا } وَقَالَ تَعَالَى : { قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ } { وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { إنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا } وَقَالَ تَعَالَى : { يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } وَقَالَ تَعَالَى { يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } - إلَى قَوْلِهِ - { فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا } . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " { آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ } " وَلِمُسْلِمِ { وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ } " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " { أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا : إذَا حَدَّثَ كَذَبَ ; وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ; وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ } " وَلَكِنْ إنْ قَالَ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خَالِصًا صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ ; إذْ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إيمَانٍ كَمَا صَحَّتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ مَنْ دَخَلَهَا مِنْ " فُسَّاقِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ " مِنْ أَهْلِ السَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ وَأَكْلِ الرِّبَا وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ ; وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ إذَا عُذِّبُوا فِيهَا عَذَّبَهُمْ عَلَى قَدْرِ ذُنُوبِهِمْ كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ " { مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إلَى حَقْوَيْهِ وَمَكَثُوا فِيهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثُوا أُخْرِجُوا بَعْدَ ذَلِكَ كَالْحُمَمِ ; فَيُلْقَوْنَ فِي نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ الْحَيَاةُ فَيَنْبُتُونَ فِيهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مَكْتُوبٌ عَلَى رِقَابِهِمْ : هَؤُلَاءِ الجهنميون عُتَقَاءُ اللَّهِ مِنْ النَّارِ } . وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .