تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مَدِينٍ كَتَبَ مَحْضَرًا بِإِعْسَارِهِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ الدِّينِ وَلَمْ يُعَيَّنْ مِقْدَارُهُ : هَلْ يَكْفِي هَذَا ؟ وَلَوْ عَيَّنَهُ الشَّاهِدُ : هَلْ يَفْتَقِرُ أَنْ يَقُولَ : وَلَا شَيْءَ مِنْهُ ؟ وَلَوْ قَالَ : فَهَلْ الثَّلَاثَةُ دَرَاهِمَ ; أَوْ الدِّرْهَمُ وَالنِّصْفُ دَاخِلَةٌ فِي ذَلِكَ ؟
1
فَأَجَابَ : أَمَّا الشَّهَادَةُ بِالْإِعْسَارِ فَإِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ مُعْسِرٌ عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ الدَّيْنِ ; وَعَرَفُوا قَدْرَهُ : صَحَّتْ الشَّهَادَةُ لَكِنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ قُدْرَتَهُ عَلَى وَفَاءِ بَعْضِهِ . وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا قَدْرَهُ إذَا شَهِدُوا بِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَاءِ شَيْءٍ لَكِنَّ الْعِلْمَ بِهَذَا مُتَعَذِّرٌ فِي الْغَالِبِ وَلَكِنْ إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَنْ مُعَاوَضَةٍ - كَثَمَنِ بَيْعٍ وَبَدَلِ قَرْضٍ - وَكَانَ لَهُ مَالٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِذَهَابِ مَالِهِ : صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ . وَفِي مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ عَاجِزٌ عَنْ وَفَاءِ مَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ إنَّ ادَّعَى الْعَجْزَ عَنْ وَفَاءِ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَحَصَلَ الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا كَذَا حَلَفَ عَلَيْهِ . وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِعُسْرَتِهِ ثَلَاثَةً إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ ; لِلْخَبَرِ الْمَأْثُورِ فِي ذَلِكَ ; بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَتْ بِتَلَفِ مَالِهِ بِسَبَبِ ظَاهِرٍ . وَالْحَدِيثُ حَدِيثُ قَبِيصَةَ بْنِ مخارق الْهِلَالِيِّ ; الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ إلَّا لِثَلَاثَةِ : رَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ; أَوْ قَالَ : سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكُ . وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الحجى مِنْ قَوْمِهِ فَيَقُولُونَ : لَقَدْ أَصَابَ فُلَانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ; أَوْ قَالَ : سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكُ . وَرَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ . فَمَا سِوَاهُنَّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ فَسُحْتٌ يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا } .