مسألة تالية
متن:
وَكَذَلِكَ مَنْ اتَّبَعَ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِطَابِ أَوْ مَا يَرَاهُ مِنْ الْأَنْوَارِ وَالْأَشْخَاصِ الْغَيْبِيَّةِ وَلَا يَعْتَبِرُ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّمَا يَتَّبِعُ ظَنًّا لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا . فَلَيْسَ فِي الْمُحَدَّثِينَ الْمُلْهَمِينَ أَفْضَلُ مِنْ عُمَرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّهُ قَدْ كَانَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ مِنْهُمْ } وَقَدْ وَافَقَ عُمَرُ رَبَّهُ فِي عِدَّةِ أَشْيَاءَ وَمَعَ هَذَا فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَصِمَ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَقْبَلَ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْرِضَهُ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ; بَلْ يَجْعَلُ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءُ خِلَافُ مَا وَقَعَ لَهُ فَيَرْجِعُ إلَى السُّنَّةِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُبَيِّنُ لَهُ أَشْيَاءَ خَفِيَتْ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ إلَى بَيَانِ الصِّدِّيقِ وَإِرْشَادِهِ وَتَعْلِيمِهِ كَمَا جَرَى يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَيَوْمَ مَاتَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَوْمَ نَاظَرَهُ فِي مَانِعِي الزَّكَاةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَرُدُّ عَلَيْهِ مَا يَقُولُهُ وَتَذْكُرُ الْحُجَّةَ مِنْ الْقُرْآنِ فَيَرْجِعُ إلَيْهَا كَمَا جَرَى فِي مُهُورِ النِّسَاءِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ . فَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِلْهَامِ وَالْخِطَابِ وَالْمُكَاشَفَةِ لَمْ يَكُنْ أَفْضَلَ مِنْ عُمَرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْلُكَ سَبِيلَهُ فِي الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تَبَعًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجْعَلُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ تَبَعًا لِمَا وَرَدَ عَلَيْهِ وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَخْطَئُوا وَضَلُّوا وَتَرَكُوا ذَلِكَ وَاسْتَغْنَوْا بِمَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ يُغْنِيهِمْ عَنْ اتِّبَاعِ الْعِلْمِ الْمَنْقُولِ . وَصَارَ أَحَدُهُمْ يَقُولُ : أَخَذُوا عِلْمَهُمْ مَيِّتًا عَنْ مَيِّتٍ وَأَخَذْنَا عِلْمَنَا عَنْ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ فَيُقَالُ لَهُ : أَمَا مَا نَقَلَهُ الثِّقَاتُ عَنْ الْمَعْصُومِ فَهُوَ حَقٌّ وَلَوْلَا النَّقْلُ الْمَعْصُومُ لَكُنْت أَنْتَ وَأَمْثَالُك إمَّا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَإِمَّا مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَأَمَّا مَا وَرَدَ عَلَيْك فَمِنْ أَيْنَ لَك أَنَّهُ وَحْيٌ مِنْ اللَّهِ ؟ وَمِنْ أَيْنَ لَك أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ وَحْيِ الشَّيْطَانِ ؟