مسألة تالية
متن:
وَالْجِنُّ مُكَلَّفُونَ كَتَكْلِيفِ الْإِنْسِ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلٌ إلَى الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَكُفَّارِ الْجِنِّ يَدْخُلُونَ النَّارَ بِالنُّصُوصِ وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ . وَأَمَّا مُؤْمِنُوهُمْ : فَفِيهِمْ قَوْلَانِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُمْ يُثَابُونَ أَيْضًا وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي رُبْضِهَا يَرَاهُمْ الْإِنْسُ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَوْنَ الْإِنْسَ عَكْسُ الْحَالِ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ حَدِيثٌ رَوَاهُ الطبراني فِي مُعْجَمِهِ الصَّغِيرِ يَحْتَاجُ إلَى النَّظَرِ فِي إسْنَادِهِ . وَقَدْ احْتَجَّ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا } وَقَدْ ذُكِرَ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ : الْأَبْرَارُ وَالْفُجَّارُ فِي الْأَحْقَافِ وَالْأَنْعَامِ . وَاحْتَجَّ الأوزاعي وَغَيْرُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ } وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْأَعْرَافِ : { أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ { { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا } وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا ذِكْرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَقَوْلُهُ : { أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ } ثُمَّ قَالَ : { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ : دَرَجَاتُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَذْهَبُ عُلُوًّا وَدَرَجَاتُ أَهْلِ النَّارِ تَذْهَبُ سُفْلًا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى عَنْ قَوْلِ الْجِنِّ : { مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا } وَقَالُوا : { وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا } { وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا } فَفِيهِمْ الْكُفَّارُ وَالْفُسَّاقُ وَالْعُصَاةُ وَفِيهِمْ مَنْ فِيهِ عِبَادَةٌ وَدِينٌ بِنَوْعِ مِنْ قِلَّةِ الْعِلْمِ كَمَا فِي الْإِنْسِ وَكُلُّ نَوْعٍ مِنْ الْجِنِّ يَمِيلُ إلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْإِنْسِ . فَالْيَهُودُ مَعَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مَعَ النَّصَارَى وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَالْفُسَّاقُ مَعَ الْفُسَّاقِ وَأَهْلُ الْجَهْلِ وَالْبِدَعِ مَعَ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْبِدَعِ .