تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
فَصْلٌ وَمِنْ شَهَادَتِهِ مَا يَجْعَلُهُ فِي الْقُلُوبِ مِنْ الْعِلْمِ وَمَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسُنُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ { النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةِ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ : وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَمُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةِ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ : وَجَبَتْ وَجَبَتْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قَوْلُك : وَجَبَتْ وَجَبَتْ ؟ قَالَ : هَذِهِ الْجِنَازَةُ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهَا خَيْرًا فَقُلْت وَجَبَتْ لَهَا الْجَنَّةَ وَهَذِهِ الْجِنَازَةُ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهَا شَرًّا فَقُلْت وَجَبَتْ لَهَا النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ } فَقَوْلُهُ : " شُهَدَاءُ اللَّهِ " أَضَافَهُمْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى . وَالشَّهَادَةُ تُضَافُ تَارَةً إلَى مَنْ يَشْهَدُ لَهُ . وَإِلَى مَنْ يَشْهَدُ عِنْدَهُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا يُقَالُ : شُهُودُ الْقَاضِي وَشُهُودُ السُّلْطَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الَّذِينَ تُقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ وَقَدْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِمَا تَحْمِلُهُ مِنْ الشَّهَادَةِ لِيُؤَدِّيَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ كَاَلَّذِينَ يَشْهَدُ النَّاسُ عَلَيْهِمْ بِعُقُودِهِمْ أَوْ أقاريرهم . فَشُهَدَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ لَهُ بِمَا جَعَلَهُ وَفَعَلَهُ وَيُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ عَنْهُ فَإِنَّهُمْ إذَا رَأَوْا مَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ بَرًّا تَقِيًّا يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ كَذَلِكَ وَيُؤَدُّونَ عَنْهُ الشَّهَادَةَ فَهُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ الَّذِي أَشْهَدَهُمْ بِأَنْ جَعَلَهُمْ يَعْلَمُونَ مَا يَشْهَدُونَ بِهِ وَيَنْطِقُونَ بِهِ وَإِعْلَامه لَهُمْ بِذَلِكَ هُوَ شَهَادَةٌ مِنْهُ بِذَلِكَ فَهَذَا أَيْضًا مِنْ شَهَادَتِهِ . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ } وَفَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبُشْرَى بِالرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ وَفَسَّرَهَا بِثَنَاءِ النَّاسِ وَحَمْدِهِمْ وَالْبُشْرَى خَبَرٌ بِمَا يُسِرُّ وَالْخَبَرُ شَهَادَةٌ بِالْبُشْرَى مِنْ شَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى . وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ .