تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
قَوْلُهُ : { قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ } الْآيَةَ : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحِجَابَ إنَّمَا أَمَرَ بِهِ الْحَرَائِرَ دُونَ الْإِمَاءِ ; لِأَنَّهُ خَصَّ أَزْوَاجَهُ وَبَنَاتَهُ وَلَمْ يَقُلْ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُك وَإِمَائِك وَإِمَاءِ أَزْوَاجِك وَبَنَاتِك ثُمَّ قَالَ : { وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ } وَالْإِمَاءِ لَمْ يَدْخُلْنَ فِي نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا لَمْ يَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ : { نِسَائِهِنَّ } مَا مَلَكَتْ أَيْمَانَهُنَّ حَتَّى عَطَفَ عَلَيْهِ فِي آيَتَيْ النُّورِ وَالْأَحْزَابِ : وَهَذَا قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَنْبَنِي عَلَى قَوْلِ مَنْ يَخُصُّ مَا مَلَكَتْ الْيَمِينُ بِالْإِنَاثِ وَإِلَّا فَمَنْ قَالَ : هِيَ فِيهِمَا أَوْ فِي الذُّكُورِ فَفِيهِ نَظَرٌ . وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } وَقَوْلُهُ : { الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ } إنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الْمَمْهُورَاتِ دُونَ الْمَمْلُوكَاتِ فَكَذَلِكَ هَذَا فَآيَةُ الْجَلَابِيبِ فِي الْأَرْدِيَةِ عِنْدَ الْبُرُوزِ مِنْ الْمَسَاكِنِ وَآيَةُ الْحِجَابِ عِنْدَ الْمُخَاطَبَةِ فِي الْمَسَاكِنِ ; فَهَذَا مَعَ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ { لَمَّا اصْطَفَى صَفِيَّةَ بِنْتَ حيي وَقَالُوا : إنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِلَّا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ } دَلَّ عَلَى أَنَّ الْحِجَابَ كَانَ مُخْتَصًّا بِالْحَرَائِرِ . وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أُمُومَةَ الْمُؤْمِنِينَ لِأَزْوَاجِهِ دُونَ سَرَارِيهِ وَالْقُرْآنُ مَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ قَالَ : { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } وَقَالَ : { وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا } وَهَذَا أَيْضًا دَلِيلٌ ثَالِثٌ مِنْ الْآيَةِ ; لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ } عَائِدٌ إلَى أَزْوَاجِهِ فَلَيْسَ لِلْمَمْلُوكَاتِ ذِكْرٌ فِي الْخِطَابِ ; لَكِنَّ إبَاحَةَ سَرَارِيِّهِ مِنْ بَعْدِهِ فِيهِ نَظَرٌ .