مسألة تاليةمسألة سابقة
الأدلة
: الآيات | العرف | المعقول
الأعلام
: أعلام الأماكن | الجماعات
مسائل
: الفقهية | الأصولية | الآداب | التفسير | الحديث | العقائد | السيرة والتاريخ | المنطق والفلسفة | اللغة | متنوعة
متن:
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فَصْلٌ جَامِعٌ نَافِعٌ الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّقَ اللَّهُ بِهَا الْأَحْكَامَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ : مِنْهَا مَا يُعْرَفُ حَدُّهُ وَمُسَمَّاهُ بِالشَّرْعِ فَقَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ : كَاسْمِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ ; وَالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ ; وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ . وَمِنْهُ مَا يُعْرَفُ حَدُّهُ بِاللُّغَةِ ; كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ; وَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ; وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمِنْهُ مَا يَرْجِعُ حَدُّهُ إلَى عَادَةِ النَّاسِ وَعُرْفِهِمْ فَيَتَنَوَّعُ بِحَسَبِ عَادَتِهِمْ ; كَاسْمِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْقَبْضِ وَالدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ ; وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي لَمْ يَحُدَّهَا الشَّارِعُ بِحَدِّ ; وَلَا لَهَا حَدٌّ وَاحِدٌ يَشْتَرِكُ فِيهِ جَمِيعُ أَهْلِ اللُّغَةِ بَلْ يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ وَصِفَتُهُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ النَّاسِ . فَمَا كَانَ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ فَقَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا كَانَ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَالصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ الْمُخَاطَبُونَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَدْ عَرَفُوا الْمُرَادَ بِهِ ; لِمَعْرِفَتِهِمْ بِمُسَمَّاهُ الْمَحْدُودِ فِي اللُّغَةِ أَوْ الْمُطْلَقِ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَتُهُمْ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ شَرْعِيٍّ وَلَا لُغَوِيٍّ وَبِهَذَا يَحْصُلُ التَّفَقُّهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ . وَالِاسْمُ إذَا بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ مُسَمَّاهُ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَقَلَهُ عَنْ اللُّغَةِ أَوْ زَادَ فِيهِ بَلْ الْمَقْصُودُ أَنَّهُ عَرَفَ مُرَادَهُ بِتَعْرِيفِهِ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَمَا كَانَ الْأَمْرُ ; فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهَذَا كَاسْمِ الْخَمْرِ ; فَإِنَّهُ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ فَعُرِفَ الْمُرَادُ بِالْقُرْآنِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْعَرَبُ قَبْلَ ذَلِكَ تُطْلِقُ لَفْظَ الْخَمْرِ عَلَى كُلِّ مُسْكِرٍ أَوْ تَخُصُّ بِهِ عَصِيرَ الْعِنَبِ . لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ ; إذْ الْمَطْلُوبُ مَعْرِفَةُ مَا أَرَادَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهَذَا الِاسْمِ وَهَذَا قَدْ عُرِفَ بِبَيَانِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِأَنَّ الْخَمْرَ فِي لُغَةِ الْمُخَاطَبِينَ بِالْقُرْآنِ كَانَتْ تَتَنَاوَلُ نَبِيذَ التَّمْرِ وَغَيْرَهُ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ خَمْرٌ غَيْرَهَا وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَمَا أَطْلَقَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَعَلَّقَ بِهِ الْأَحْكَامَ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُقَيِّدَهُ إلَّا بِدَلَالَةِ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ . فَمِنْ ذَلِكَ اسْمُ الْمَاءِ مُطْلَقٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَمْ يُقَسِّمْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى قِسْمَيْنِ : طَهُورٌ وَغَيْرُ طَهُورٍ فَهَذَا التَّقْسِيمُ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً } وَقَدْ بَسَطْنَا هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنَّا أَنَّ كُلَّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ فَهُوَ طَاهِرٌ طَهُورٌ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي طُهْرٍ وَاجِبٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ أَوْ غَيْرِ مُسْتَحَبٍّ ; وَسَوَاءٌ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَوْ لَمْ تَقَعْ إذَا عُرِفَ أَنَّهَا قَدْ اسْتَحَالَتْ فِيهِ وَاسْتُهْلِكَتْ وَأَمَّا إنْ ظَهَرَ أَثَرُهَا فِيهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِلْمُحَرَّمِ .