تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فَصْلٌ وَأَمَّا حَلِفُ كُلِّ وَاحِدٍ : أَنَّ أَفْضَلَ الْمَذَاهِبِ مَذْهَبُ فُلَانٍ : فَهَذَا إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَفِيهَا قَوْلَانِ : أَظْهَرُهُمَا : لَا يَحْنَثُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ . وَالثَّانِي : يَحْنَثُونَ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ ; فَإِنَّ حِنْثَهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ ; يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا وَيَجُوزُ كَوْنُهُمْ سَوَاءً فَيَحْنَثُونَ كُلُّهُمْ وَإِذَا حَنِثُوا إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ وَقَدْ وَقَعَ الشَّكُّ فِي عَيْنِهِ فَهِيَ كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ : إنْ كَانَ غُرَابًا فَزَوْجَتُهُ طَالِقٌ وَقَالَ الْآخَرُ : إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَزَوْجَتُهُ طَالِقٌ وَهَذِهِ فِيهَا قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ : أَحَدُهُمَا : لَا يَقَعُ بِوَاحِدِ مِنْهُمَا طَلَاقٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ لَكِنْ يَكُفُّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ قِيلَ : حَتْمًا وَقِيلَ : رَدْعًا . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهُ يَقَعُ بِأَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ الْحَالِفُ وَاحِدًا وَأَوْقَعَهُ بِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ تَخْرُجُ الْمُطَلَّقَةُ بِالْقَرْعَةِ ; أَوْ يُوقَفُ الْأَمْرُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ أَيْضًا فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَالْوَقْفُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ . وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ وَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ يُحَنِّثُ الْجَمِيعَ وَلَوْ تَبَيَّنَ صِدْقُ الْحَالِفِ ; بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى مَا لَا يَعْلَمُ صِحَّتَهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَالنِّزَاعُ فِيهَا كَالنِّزَاعِ فِي أَصْلِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ . وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لَا يُوقِعُونَ الطَّلَاقَ لِأَجْلِ الشَّكِّ وَمَالِكٌ يُوقِعُهُ لِعَدَمِ عِلْمِ الْحَالِفِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَهَذِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ وَاحِدٌ عَلَى مَا لَا يَعْلَمُهُ وَلَمْ يُنَاقِضْهُ غَيْرُهُ مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّ مَذْهَبَ فُلَانٍ أَفْضَلُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِذَلِكَ .