وَسُئِلَ عَنْ الْخُفِّ إذَا كَانَ فِيهِ خَرْقٌ يَسِيرٌ : هَلْ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ أَمْ لَا ؟ .
فَأَجَابَ : وَأَمَّا الْخُفُّ إذَا كَانَ فِيهِ خَرْقٌ يَسِيرٌ فَفِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ . فَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : لَا يَجُوزُ . كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد قَالُوا : لِأَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْ الْقَدَمِ فَرْضُهُ الْغَسْلُ وَمَا اسْتَتَرَ فَرْضُهُ الْمَسْحُ وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ . وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ فَإِنَّ الرُّخْصَةَ عَامَّةٌ وَلَفْظُ الْخُفِّ يَتَنَاوَلُ مَا فِيهِ مِنْ الْخَرْقُ وَمَا لَا خَرْقَ فِيهِ لَا سِيَّمَا وَالصَّحَابَةُ كَانَ فِيهِمْ فُقَرَاءُ كَثِيرُونَ وَكَانُوا يُسَافِرُونَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ خِفَافِهِمْ خُرُوقٌ وَالْمُسَافِرُونَ قَدْ يَتَخَرَّقُ خُفُّ أَحَدِهِمْ وَلَا يُمْكِنُهُ إصْلَاحُهُ فِي السَّفَرِ فَإِنْ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الرُّخْصَةِ . وَأَيْضًا فَإِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ يَعْفُونَ عَنْ ظُهُورِ يَسِيرِ الْعَوْرَةِ وَعَنْ يَسِيرِ النَّجَاسَةِ الَّتِي يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا : فَالْخَرْقُ الْيَسِيرُ فِي الْخُفِّ كَذَلِكَ . وَقَوْلُ الْقَائِلِ : إنَّ مَا ظَهَرَ فَرْضُهُ الْغَسْلُ : مَمْنُوعٌ فَإِنَّ الْمَاسِحَ عَلَى الْخُفِّ لَا يَسْتَوْعِبُهُ بِالْمَسْحِ كَالْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ بَلْ يَمْسَحُ أَعْلَاهُ دُون أَسْفَلِهِ وَعَقِبَهُ وَذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَ غَسْلِ الرِّجْلِ فَمَسْحُ بَعْضِ الْخُفِّ كَافٍ عَمَّا يُحَاذِي الْمَمْسُوحَ وَمَا لَا يُحَاذِيهِ فَإِذَا كَانَ الْخَرْقُ فِي الْعَقِبِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَا مَسْحُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ لَا يَجِبُ مَسْحُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ وَ ( بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مِمَّا جَاءَتْ السُّنَّةُ فِيهِ بِالرُّخْصَةِ حَتَّى جَاءَتْ بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَوَارِبِ وَالْعَمَائِمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاقَضَ مَقْصُودُ الشَّارِعِ مِنْ التَّوْسِعَةِ بِالْحَرَجِ وَالتَّضْيِيقِ .