وَسُئِلَ عَنْ سُؤْرِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ : هَلْ هُوَ طَاهِرٌ ؟ .
فَأَجَابَ : وَأَمَّا سُؤْرُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يُجَوِّزُونَ التَّوَضُّؤَ بِهِ . كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ . وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ . كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ . وَالثَّالِثَةُ أَنَّهُ نَجِسٌ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ بَاطِنِ حَيَوَانٍ نَجِسٍ فَيَكُونُ نَجِسًا كَلُعَابِ الْكَلْبِ : لَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْهِرَّةِ : { إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ } فَعَلَّلَ طَهَارَةَ سُؤْرِهَا لِكَوْنِهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْنَا وَالطَّوَّافَاتِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحَاجَةَ مُقْتَضِيَةٌ لِلطَّهَارَةِ وَهَذَا مِنْ حُجَّةِ مَنْ يُبِيحُ سُؤْرَ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ . فَإِنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ وَالْمَانِعُ يَقُولُ ذَلِكَ مِثْلُ سُؤْرِ الْكَلْبِ فَإِنَّهُ مَعَ إبَاحَةِ قِنْيَتِهِ لِمَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَيْهِ نُهِيَ عَنْ سُؤْرِهِ . وَالْمُرَخِّصُ يَقُولُ : إنَّ الْكَلْبَ أَبَاحَهُ لِلْحَاجَةِ وَلِهَذَا حَرَّمَ ثَمَنَهُ ; بِخِلَافِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ فَإِنَّ بَيْعَهُمَا جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ . وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَسْآرِ السِّبَاعِ وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ .