تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ عَنْ السِّوَاكِ وَتَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ فِي الْمَسْجِدِ : هَلْ هُوَ جَائِزٌ أَمْ لَا ؟
1
فَأَجَابَ : أَمَّا السِّوَاكُ فِي الْمَسْجِدِ فَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْ الْعُلَمَاءِ كَرِهَهُ بَلْ الْآثَارُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَسْتَاكُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَجُوزُ أَنْ يَبْصُقَ الرَّجُلُ فِي ثِيَابِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَيَمْتَخِطَ فِي ثِيَابِهِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّابِتَةِ عَنْهُ بَلْ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ فِي الْمَسْجِدِ بِلَا كَرَاهَةٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ . فَإِذَا جَازَ الْوُضُوءُ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْوُضُوءَ يَكُونُ فِيهِ السِّوَاكُ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَالصَّلَاةُ يُسْتَاكُ عِنْدَهَا فَكَيْفَ يُكْرَهُ السِّوَاكُ وَإِذَا جَازَ الْبُصَاقُ وَالِامْتِخَاطُ فِيهِ فَكَيْفَ يُكْرَهُ السِّوَاكُ . وَأَمَّا التَّسْرِيحُ : فَإِنَّمَا كَرِهَهُ بَعْضُ النَّاسِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَعْرَ الْإِنْسَانِ الْمُنْفَصِلَ نَجِسٌ وَيُمْنَعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْجِدِ شَيْءٌ نَجِسٌ أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالْقَذَاةِ . وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ شَعْرَ الْإِنْسَانِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ طَاهِرٌ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { حَلَقَ رَأْسَهُ وَأَعْطَى نِصْفَهُ لِأَبِي طَلْحَةَ وَنِصْفَهُ قَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ } . و ( بَابُ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ يُشَارِكُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أُمَّتَهُ . بَلْ الْأَصْلُ أَنَّهُ أُسْوَةٌ لَهُمْ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا مَا قَامَ فِيهِ دَلِيلٌ يُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ بِهِ . وَأَيْضًا الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ شُعُورَ الْمَيْتَةِ طَاهِرَةٌ . بَلْ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ . وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ جَمِيعَ الشُّعُورِ طَاهِرَةٌ حَتَّى شَعْرَ الْخِنْزِيرِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ إذَا سَرَّحَ شَعْرَهُ وَجَمَعَ الشَّعْرَ فَلَمْ يُتْرَكْ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ . وَأَمَّا تَرْكُ شَعْرِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَهَذَا يُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَجِسًا فَإِنَّ الْمَسْجِدَ يُصَانُ حَتَّى عَنْ الْقَذَاةِ الَّتِي تَقَعُ فِي الْعَيْنِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .