تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ هَلْ لِلْعَصْرِ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ أَمْ لَا أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ ؟ .
1
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ الْمَكْتُوبَاتِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ أَوْ اثْنَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ أَوْ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ رَكْعَتَيْنِ } وَكَذَلِكَ ثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ } وَرُوِيَتْ فِي السُّنَنِ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَيْسَ فِي الصَّحِيحِ سِوَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ . وَأَمَّا قَبْلَ الْعَصْرِ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ إلَّا وَفِيهِ ضَعْفٌ بَلْ خَطَأٌ كَحَدِيثِ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي نَحْوَ سِتَّةَ عَشَرَ رَكْعَةً مِنْهَا قَبْلَ الْعَصْرِ وَهُوَ مَطْعُونٌ فِيهِ فَإِنَّ الَّذِينَ اعْتَنَوْا بِنَقْلِ تَطَوُّعَاتِهِ كَعَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ بَيَّنُوا مَا كَانَ يُصَلِّيهِ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَقَبْلَ الْعِشَاءِ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّيهَا لَكِنْ كَانَ أَصْحَابُهُ يُصَلُّونَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَهُوَ يَرَاهُمْ فَلَا يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ { بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ } كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ حَسَنَةٌ وَلَيْسَتْ بِسُنَّةٍ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الْعَصْرِ كَمَا يُصَلِّي قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَحَسَنٌ وَأَمَّا أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ كَانَ يُصَلِّيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ فَهَذَا خَطَأٌ . وَالصَّلَاةُ مَعَ الْمَكْتُوبَةِ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ ( إحْدَاهَا سُنَّةُ الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ فَهَاتَانِ أَمَرَ بِهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِمَا وَهُمَا سُنَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَلَمْ يَجْعَلْ مَالِكٌ سُنَّةً رَاتِبَةً غَيْرَهُمَا ( وَالثَّانِيَةُ مَا كَانَ يُصَلِّيهِ مَعَ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْحَضَرِ وَهُوَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَقَدْ أَثْبَتَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد مَعَ الْمَكْتُوبَاتِ سُنَّةً مُقَدَّرَةً بِخِلَافِ مَالِكٍ ( وَالثَّالِثَةُ التَّطَوُّعُ الْجَائِزُ فِي هَذَا الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْعَلَ سُنَّةً لِكَوْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ وَلَا قَدَّرَ فِيهِ عَدَدًا وَالصَّلَاةُ قَبْلَ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَقَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ صَلَاةُ الضُّحَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .