وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ الرَّجُلِ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي وَقْتِ النَّهْيِ : هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ ؟ .
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد : ( أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ : أَنَّهُ لَا يُصَلِّيهَا . ( وَالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا وَهَذَا أَظْهَرُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " { إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ } . وَهَذَا أَمْرٌ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَوْقَاتِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ خُصَّ مِنْهُ صُورَةٌ مِنْ الصُّوَرِ . وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَبَعْدَ غُرُوبِهَا فَقَدْ خُصَّ مِنْهُ صُوَرٌ مُتَعَدِّدَةٌ . مِنْهَا قَضَاءُ الْفَوَائِتِ . وَمِنْهَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ . وَمِنْهَا الْمُعَادَةُ مَعَ إمَامِ الْحَيِّ وَغَيْرُ ذَلِكَ . وَالْعَامُّ الْمَحْفُوظُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ . وَأَيْضًا : فَإِنَّ الصَّلَاةَ وَقْتَ الْخُطْبَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا كَالنَّهْيِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ أَوْ أَوْكَدَ ثُمَّ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " { إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ وَالْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ } فَإِذَا كَانَ قَدْ أَمَرَ بِالتَّحِيَّةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَهُوَ وَقْتُ نَهْيٍ . فَكَذَلِكَ الْوَقْتُ الْآخَرُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ أَحْمَد فِي هَذَا لِمَجِيءِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ بِهِ بِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فَإِنَّ مَذْهَبَهُمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ النَّهْيُ فَإِنَّهُ لَمْ تَبْلُغْهُمَا هَذِهِ . السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .