وَسُئِلَ   رَحِمَهُ اللَّهُ  عَنْ   الصَّلَاةِ خَلْفَ المرازقة وَعَنْ بِدْعَتِهِمْ   . . 
				
				
				 فَأَجَابَ : يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ   يُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَالْجُمُعَةَ وَغَيْرَ  ذَلِكَ خَلْفَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ بِدْعَةً وَلَا فِسْقًا  بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ  مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ . وَلَيْسَ  مِنْ شَرْطِ الِائْتِمَامِ أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْمُومُ اعْتِقَادَ إمَامِهِ وَلَا أَنْ يَمْتَحِنَهُ فَيَقُولُ :  مَاذَا تَعْتَقِدُ ؟ بَلْ  يُصَلِّي خَلْفَ مَسْتُورِ الْحَالِ .  وَلَوْ   صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَعْلَمُ  أَنَّهُ فَاسِقٌ أَوْ مُبْتَدِعٌ  فَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ  فِي مَذْهَبِ  أَحْمَد  وَمَالِكٍ  . وَمَذْهَبُ  الشَّافِعِيِّ  وَأَبِي حَنِيفَةَ  الصِّحَّةُ . وَقَوْلُ  الْقَائِلِ لَا أُسَلِّمُ  مَالِي إلَّا لِمَنْ أَعْرِفُ . وَمُرَادُهُ لَا  أُصَلِّي خَلْفَ مَنْ لَا أَعْرِفُهُ  كَمَا لَا أُسَلِّمُ  مَالِي إلَّا لِمَنْ أَعْرِفُهُ كَلَامُ جَاهِلٍ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ  مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ .  فَإِنَّ الْمَالَ إذَا  أَوْدَعَهُ الرَّجُلَ الْمَجْهُولَ فَقَدْ يَخُونُهُ فِيهِ وَقَدْ يُضَيِّعُهُ .  وَأَمَّا الْإِمَامُ فَلَوْ  أَخْطَأَ أَوْ  نَسِيَ لَمْ يُؤَاخَذْ  بِذَلِكَ الْمَأْمُومُ  كَمَا  فِي  الْبُخَارِيِّ  وَغَيْرِهِ  أَنَّ النَّبِيَّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ : "   {   أَئِمَّتُكُمْ  يُصَلُّونَ لَكُمْ  وَلَهُمْ .  فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ  وَلَهُمْ  وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ   }  . فَجُعِلَ خَطَأُ الْإِمَامِ  عَلَى نَفْسِهِ دُونَهُمْ وَقَدْ  صَلَّى  عُمَرُ  وَغَيْرُهُ  مِنْ   الصَّحَابَةِ   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ  وَهُوَ جُنُبٌ  نَاسِيًا لِلْجَنَابَةِ فَأَعَادَ وَلَمْ يَأْمُرْ الْمَأْمُومِينَ بِالْإِعَادَةِ  وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ  كَمَالِكِ  وَالشَّافِعِيِّ  وَأَحْمَد  فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ .  وَكَذَلِكَ لَوْ   فَعَلَ الْإِمَامُ مَا يَسُوغُ عِنْدَهُ وَهُوَ عِنْدَ الْمَأْمُومِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ  مِثْلَ أَنْ يَعْتَقِدَ  وَيُصَلِّيَ وَلَا يَتَوَضَّأَ أَوْ يَمَسَّ  ذَكَرَهُ أَوْ يَتْرُكَ الْبَسْمَلَةَ وَهُوَ يَعْتَقِدُ  أَنَّ صَلَاتَهُ تَصِحُّ مَعَ  ذَلِكَ وَالْمَأْمُومُ يَعْتَقِدُ  أَنَّهَا لَا تَصِحُّ مَعَ  ذَلِكَ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ  عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ  كَمَا هُوَ مَذْهَبُ  مَالِكٍ  وَأَحْمَد  فِي  أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ بَلْ  فِي أَنَصِّهِمَا عَنْهُ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ  فِي مَذْهَبِ  الشَّافِعِيِّ  اخْتَارَهُ  الْقَفَّالُ  وَغَيْرُهُ . وَلَوْ قُدِّرَ  أَنَّ   الْإِمَامَ  صَلَّى  بِلَا وُضُوءٍ مُتَعَمِّدًا وَالْمَأْمُومُ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى مَاتَ الْمَأْمُومُ  لَمْ يُطَالِبْ اللَّهُ الْمَأْمُومَ  بِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إثْمٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ  بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ  أَنَّهُ  يُصَلِّي  بِلَا وُضُوءٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ  يُصَلِّيَ خَلْفَهُ  فَإِنَّ  هَذَا لَيْسَ  بِمُصَلٍّ ; بَلْ لَاعِبٌ وَلَوْ عَلِمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ  أَنَّهُ  صَلَّى  بِلَا وُضُوءٍ  فَفِي الْإِعَادَةِ نِزَاعٌ . وَلَوْ  عَلِمَ الْمَأْمُومُ  أَنَّ الْإِمَامَ  مُبْتَدِعٌ يَدْعُو إلَى بِدْعَتِهِ أَوْ فَاسِقٌ ظَاهِرُ الْفِسْقِ وَهُوَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ الَّذِي لَا تُمْكِنُ الصَّلَاةُ إلَّا خَلْفَهُ  كَإِمَامِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْإِمَامِ  فِي صَلَاةِ الْحَجِّ   بِعَرَفَةَ  وَنَحْوِ  ذَلِكَ .  فَإِنَّ الْمَأْمُومَ  يُصَلِّي خَلْفَهُ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَهُوَ مَذْهَبُ  أَحْمَد  وَالشَّافِعِيِّ  وَأَبِي حَنِيفَةَ  وَغَيْرِهِمْ . وَلِهَذَا  قَالُوا  فِي الْعَقَائِدِ : إنَّهُ  يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَ خَلْفَ كُلِّ إمَامٍ بَرًّا  كَانَ أَوْ فَاجِرًا  وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ  فِي الْقَرْيَةِ إلَّا إمَامٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهَا  تُصَلَّى خَلْفَهُ الْجَمَاعَاتُ  فَإِنَّ الصَّلَاةَ  فِي جَمَاعَةٍ خَيْرٌ  مِنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ  وَإِنْ  كَانَ الْإِمَامُ فَاسِقًا .  هَذَا مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ :  أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ  وَالشَّافِعِيِّ  وَغَيْرِهِمَا بَلْ الْجَمَاعَةُ  وَاجِبَةٌ  عَلَى الْأَعْيَانِ  فِي  ظَاهِرِ مَذْهَبِ  أَحْمَد  . وَمَنْ   تَرَكَ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ الْفَاجِرِ  فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عِنْدَ  الْإِمَامِ  أَحْمَد  . وَغَيْرِهِ  مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ .  كَمَا  ذَكَرَهُ  فِي رِسَالَةِ  عبدوس  .  وَابْنِ مَالِكٍ  وَالْعَطَّارِ  . وَالصَّحِيحُ  أَنَّهُ  يُصَلِّيهَا وَلَا يُعِيدُهَا  فَإِنَّ   الصَّحَابَةَ  كَانُوا  يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ الْفُجَّارِ وَلَا يُعِيدُونَ  كَمَا  كَانَ  ابْنُ عُمَرَ  يُصَلِّي خَلْفَ  الْحَجَّاجِ  وَابْنُ مَسْعُودٍ  وَغَيْرُهُ  يُصَلُّونَ خَلْفَ  الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ  وَكَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حَتَّى  أَنَّهُ  صَلَّى بِهِمْ مَرَّةً الصُّبْحَ أَرْبَعًا  ثُمَّ  قَالَ : أَزِيدُكُمْ ؟  فَقَالَ  ابْنُ مَسْعُودٍ  : مَا  زِلْنَا  مَعَك مُنْذُ الْيَوْمَ  فِي  زِيَادَةٍ وَلِهَذَا رَفَعُوهُ إلَى  عُثْمَانَ  .  وَفِي   صَحِيحِ  الْبُخَارِيِّ  أَنَّ  عُثْمَانَ   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا حُصِرَ  صَلَّى بِالنَّاسِ شَخْصٌ فَسَأَلَ  سَائِلٌ  عُثْمَانَ  .  فَقَالَ : إنَّك إمَامُ عَامَّةٍ  وَهَذَا [ الَّذِي ]  يُصَلِّي بِالنَّاسِ إمَامُ فِتْنَةٍ .  فَقَالَ : يَا ابْنَ  أَخِي إنَّ الصَّلَاةَ  مِنْ أَحْسَنِ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فَإِذَا أَحْسَنُوا فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ وَإِذَا  أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إسَاءَتَهُمْ  . وَمِثْلُ  هَذَا كَثِيرٌ . وَالْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ صَلَاتُهُ  فِي نَفْسِهِ صَحِيحَةٌ فَإِذَا  صَلَّى الْمَأْمُومُ خَلْفَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لَكِنْ إنَّمَا كَرِهَ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ  لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ  وَمِنْ  ذَلِكَ  أَنَّ مَنْ  أَظْهَرَ بِدْعَةً أَوْ فُجُورًا لَا يُرَتَّبُ إمَامًا لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ حَتَّى يَتُوبَ فَإِذَا  أَمْكَنَ هَجْرُهُ حَتَّى يَتُوبَ  كَانَ حَسَنًا وَإِذَا  كَانَ بَعْضُ النَّاسِ إذَا  تَرَكَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ  وَصَلَّى خَلْفَ غَيْرِهِ أُثِرَ  ذَلِكَ حَتَّى يَتُوبَ أَوْ يُعْزَلَ أَوْ يَنْتَهِيَ النَّاسُ عَنْ مِثْلِ ذَنْبِهِ . فَمِثْلُ  هَذَا إذَا  تَرَكَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ  كَانَ  فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَلَمْ يَفُتْ الْمَأْمُومَ جُمُعَةٌ وَلَا جَمَاعَةٌ .  وَأَمَّا إذَا  كَانَ  تَرَكَ الصَّلَاةَ يَفُوتُ الْمَأْمُومَ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ فَهُنَا لَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ خَلْفَهُمْ إلَّا مُبْتَدِعٌ مُخَالِفٌ   لِلصَّحَابَةِ   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ  .  وَكَذَلِكَ إذَا  كَانَ الْإِمَامُ قَدْ رَتَّبَهُ وُلَاةُ الْأُمُورِ وَلَمْ يَكُنْ  فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ مَصْلَحَةٌ فَهُنَا لَيْسَ عَلَيْهِ  تَرْكُ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ بَلْ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْإِمَامِ الْأَفْضَلِ أَفْضَلُ  وَهَذَا كُلُّهُ يَكُونُ فِيمَنْ  ظَهَرَ مِنْهُ فِسْقٌ أَوْ بِدْعَةٌ تَظْهَرُ  مُخَالَفَتُهَا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَبِدْعَةِ   الرَّافِضَةِ   والجهمية  وَنَحْوِهِمْ . وَمَنْ  أَنْكَرَ مَذْهَبَ   الرَّوَافِضِ  وَهُوَ لَا  يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ بَلْ يُكَفِّرُ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ  وَقَعَ  فِي مِثْلِ مَذْهَبِ   الرَّوَافِضِ  فَإِنَّ  مِنْ أَعْظَمِ مَا  أَنْكَرَهُ   أَهْلُ السُّنَّةِ  عَلَيْهِمْ  تَرْكُهُمْ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ وَتَكْفِيرَ الْجُمْهُورِ .