تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ عَنْ الْأَحْيَاءِ إذَا زَارُوا الْأَمْوَاتَ هَلْ يَعْلَمُونَ بِزِيَارَتِهِمْ ؟ وَهَلْ يَعْلَمُونَ بِالْمَيِّتِ إذَا مَاتَ مِنْ قَرَابَتِهِمْ أَوْ غَيْرِهِ ؟ .
1
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ نَعَمْ قَدْ جَاءَتْ الْآثَارُ بِتَلَاقِيهِمْ وَتَسَاؤُلِهِمْ وَعَرْضِ أَعْمَالِ الْأَحْيَاءِ عَلَى الْأَمْوَاتِ كَمَا رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ : قَالَ : { إذَا قُبِضَتْ نَفْسُ الْمُؤْمِنِ تَلَقَّاهَا الرَّحْمَةُ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ كَمَا يَتَلَقَّوْنَ الْبَشِيرَ فِي الدُّنْيَا فَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ وَيَسْأَلُونَهُ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ : أَنْظِرُوا أَخَاكُمْ يَسْتَرِيحُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي كَرْبٍ شَدِيدٍ . قَالَ : فَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ وَيَسْأَلُونَهُ مَا فَعَلَ فُلَانٌ وَمَا فَعَلَتْ فُلَانَةُ هَلْ تَزَوَّجَتْ } الْحَدِيثَ . وَأَمَّا عِلْمُ الْمَيِّتِ بِالْحَيِّ إذَا زَارَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ } . قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ صَاحِبُ الْأَحْكَامِ . وَأَمَّا مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ حَيَاةِ الشَّهِيدِ وَرِزْقِهِ وَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ دُخُولِ أَرْوَاحِهِمْ الْجَنَّةَ فَذَهَبَ طَوَائِفُ إلَى أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِهِمْ دُونَ الصِّدِّيقِينَ وَغَيْرِهِمْ . وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ وَجَمَاهِيرُ أَهْلِ السُّنَّةِ : أَنَّ الْحَيَاةَ وَالرِّزْقَ وَدُخُولَ الْأَرْوَاحِ الْجَنَّةَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالشَّهِيدِ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ النُّصُوصُ الثَّابِتَةُ وَيَخْتَصُّ الشَّهِيدُ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِ الظَّانِّ يَظُنُّ أَنَّهُ يَمُوتُ فَيَنْكُلُ عَنْ الْجِهَادِ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ لِيَزُولَ الْمَانِعُ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ . كَمَا نَهَى عَنْ قَتْلِ الْأَوْلَادِ خَشْيَةَ الْإِمْلَاقِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْوَاقِعُ . وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُمْ لَا يَجُوزُ مَعَ عَدَمِ خَشْيَةِ الْإِمْلَاقِ .