مسألة تاليةمسألة سابقة
متن:
فَصْلٌ وَأَمَّا " قِسْمَةُ الصَّدَقَاتِ " : فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ . بِقَوْلِهِ { إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } . قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطبري : عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : لِلْمُتَوَلِّي قِسْمَتُهَا وَوَضْعُهَا فِي أَيِّ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ وَإِنَّمَا سَمَّى اللَّهُ الْأَصْنَافَ الثَّمَانِيَةَ إعْلَامًا مِنْهُ أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ إلَى غَيْرِهَا لَا إيجَابًا لِقِسْمَتِهَا بَيْنَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَرُوِيَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا : إنْ شِئْت جَعَلْته فِي صِنْفٍ أَوْ صِنْفَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ . قَالَ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : أَيُّمَا صِنْفٍ أَعْطَيْته أَجْزَأَك وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ عُمَرَ يَأْخُذُ الْفَرْضَ فِي الصَّدَقَةِ فَيَجْعَلُهُ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَالِيَةِ وَمَيْمُونُ بْنُ مهران وَإِبْرَاهِيمَ النخعي . قَالَ : وَكَانَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَقُولُ : عَلَيْهِ وَضْعُهَا فِي سِتَّةِ أَصْنَافٍ ; لِأَنَّهُ يَقْسِمُهَا فَسَقَطَ الْعَامِلُ وَالْمُؤَلَّفَةُ سَقَطُوا . قَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الصَّدَقَةَ فِي مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : سَدُّ خَلَّةِ الْمُسْلِمِينَ . وَالثَّانِي : مَعُونَةُ الْإِسْلَامِ وَتَقْوِيَتُهُ . فَمَا كَانَ مَعُونَةً لِلْإِسْلَامِ يُعْطِي مِنْهُ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ كَالْمُجَاهِدِ وَنَحْوِهِ . وَمِنْ هَذَا الْبَابِ يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ وَمَا كَانَ فِي سَدِّ خَلَّةِ الْمُسْلِمِينَ .