تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
بَابٌ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ تَاجِرٍ . هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ زَكَاتِهِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ صِنْفًا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ؟ وَهَلْ إذَا مَاتَ إنْسَانٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَهُ : فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدًا مَنْ أَقَارِبِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلزَّكَاةِ ثُمَّ يَسْتَوْفِيهِ مِنْهُ ؟ وَهَلْ إذَا أَخْرَجَ زَكَاتَهُ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ آخَرَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ هَلْ يُجْزِئُهُ أَمْ لَا ؟ .
1
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . إذَا أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ أَجْزَأَ بِلَا رَيْبٍ . وَأَمَّا إذَا أَعْطَاهُ الْقِيمَةَ فَفِيهِ نِزَاعٌ : هَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا ؟ أَوْ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا ؟ أَوْ يَجُوزُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لِلْحَاجَةِ أَوْ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ - فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ . فَإِنْ كَانَ آخِذُ الزَّكَاةِ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا كُسْوَةً فَاشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ لَهُ بِهَا كُسْوَةً وَأَعْطَاهُ فَقَدْ أَحْسَنَ إلَيْهِ . وَأَمَّا إذَا قَوَّمَ هُوَ الثِّيَابَ الَّتِي عِنْدَهُ وَأَعْطَاهَا فَقَدْ يُقَوِّمُهَا بِأَكْثَرَ مِنْ السِّعْرِ وَقَدْ يَأْخُذُ الثِّيَابَ مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا بَلْ يَبِيعُهَا فَيَغْرَمُ أُجْرَةَ الْمُنَادِي وَرُبَّمَا خَسِرَتْ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ . وَالْأَصْنَافُ الَّتِي يُتَّجَرُ فِيهَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهَا جَمِيعًا دَرَاهِمَ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ دَرَاهِمُ فَأَعْطَى ثَمَنَهَا بِالْقِيمَةِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَجُوزُ ; لِأَنَّهُ وَاسَى الْفُقَرَاءَ فَأَعْطَاهُمْ مِنْ جِنْسِ مَالِهِ . وَأَمَّا الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ : فَيَجُوزُ أَنْ يُوَفَّى مِنْ الزَّكَاةِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ . وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : { وَالْغَارِمِينَ } وَلَمْ يَقُلْ وَلِلْغَارِمِينَ . فَالْغَارِمُ لَا يُشْتَرَطُ تَمْلِيكُهُ . وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ عَنْهُ وَأَنْ يُمَلَّكَ لِوَارِثِهِ وَلِغَيْرِهِ وَلَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا يُعْطَى لِيَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ .